تأمين وحدة البلاد

 

لقد أصبحت وحدة السودان في خطر عظيم لم يسبق له مثيل في تاريخه الحديث, إذ نعيش اليوم ظرفا يهدد بانشطار السودان إلى دويلات عدة نتيجة لتنامي وعي الجماهير في الأقاليم بحقوقهم المشروعة في الخدمات وحكم أنفسهم وتقرير مصير بلادهم وهو ما يتعارض تماما مع حرص المجموعة الحاكمة علي إبقاء السلطة في أيديهم واحتكار الثروة فيما بينهم الي أطول فترة ممكنة. هذا التعارض بين تنامي وعي الجماهير بحقوقهم المسلوبة وإصرار المجموعة الحاكمة علي الانفراد بالسلطة واجبار المواطنين علي طاعتها بقوة السلاح والمخادعة معا, جعلت البلاد تعيش حالة مباراة شد حبل بين جماهير الأقاليم الغاضبة التي ترفع شعارات العدل والمساواة وبين الحكومة الماكرة التي تحاول عبثا مخادعة الجماهير مرة أخري بالتشدق بالدين وقد فات عليها أنه لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.  وأن زمان استغلال الجمهور لأغراض خاصة بواسطة الانتهازيين باسم الدين قد ولي الي الأبد ولن يعود بعد أن سقطت الأقنعة عن الوجوه وتكشفت الحقائق علي طبيعتها.

 إن انفراد شريحة صغيرة من الشعب بمقاليد البلاد لمدة نصف قرن من الزمان دون أدني مراعاة للتعدد الجغرافي والعرقي والثقافي والخلفية التاريخية لشعوب الأقاليم المختلفة والتعمد في إضاعة مصالحهم أدي الي اضطرار أبناء الأقاليم الي حمل السلاح إذ لم يبقي أمامهم خيار آخر سوي منطق القوة التي لا تفهم الطبقة الحاكمة غيره. إذا استمر هذا الوضع لفترة طويلة دون حسمه لصالح التعايش السلمي بين المواطنين واستقرار البلاد ووحدتها وهو ما لا يتحقق إلا بأن يكون الناس سواسية كأسنان المشط وإلا فلا أحد يستطيع ضمان وحدة الأمة والأرض السودانيتين.

 

 

 

Back