انهيار الخدمات العامة في السودان

 

 

لا يختلف مواطنان في صحة انهيار التعليم العام والرعاية الصحية الأولية وخدمات المياه والكهرباء والخدمات الضرورية الأخرى في السودان منذ التسعينيات حين رفعت الحكومة يدها عن خدمات المواطنين الأساسية بعد أن طبقت الوصفة الاقتصادية السيئة التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي علي الدول الفقيرة المثقلة بالديون بغرض استرجاع ديونهما علي هذه الدول تحت شعارات لا تناسب واقع مجتمعنا مثل التحرير الاقتصادي و" المجتمع القائد المستقل عن السلطان في قضاء حوائجه والسابق له في التخطيط والإبداع" وغيرهما. لقد اتخذت   الحكومة هذه الشعارات ذريعة لامساك المال عن الولايات بغرض إفشال تجربة الحكم الاتحادي التي دخلت فيها عن غفلة وعز عليها المخرج, ولكن التطبيق الأعمى لهذه الشعارات في مجتمع يسوده الفقر بنسبة 92% لم يؤد فقط إلى فشل تجربة الحكم الاتحادي في السودان بل أدي إلى انهيار عام لجميع مؤسسات الخدمة العامة.

أ- خدمات التعليم

لقد أصبح حال التعليم الأسوأ من نوعه في تاريخ البلاد إذ تلاشت البيئة الصالحة للدراسة بتجفيف الداخليات وخراب الأساس المدرسي وتصدع المباني وانهيارها وغياب الكتاب المدرسي وعدم دفع أجور المعلمين - علي قلتها – لفترات طويلة مما أدي إلى اضطرار معظم مدارس الريف السوداني إلى قفل أبوابها في وجه التلاميذ غالب أيام سنين الدراسة. إن بقاء أكثر من 45% من أطفال السودان الذين في سن المدارس خارج الفصول بسبب ارتفاع تكاليف الدراسة مع تدني مستوي التعليم بشكل عام في بلد ما تزال نسبة الأمية فيه تزيد علي 56% لهو وحده جدير بأن تندلع له ثورة شعبية لتضع حدا لهذه المأساة وتطوي هذه الصفحة السوداء عن تاريخ السودان وتأمن مستقبل الأجيال والبلاد.

ب- خدمات الصحة

أن من الأسباب الرئيسية لقيام حركة العدل والمساواة هو انهيار خدمات الصحة الوقائية والعلاجية في كل ولايات السودان – مع تقدير الجهد المبذول في ولاية الخرطوم- وتفشي الأمراض وتزايد نسب الوفيات بين الأطفال والأمهات وكبار السن خاصة في أوساط الفقراء دون الأغنياء وما يزال متوسط عمر الإنسان في السودان يقدر بأقل من 49 سنة في وقت تجاوز فيه متوسط عمر الإنسان في معظم دول العالم 70 سنة وبلغ في بعضها 80 –81 سنة. نتيجة لتخلي الدولة عن مسئوليتها تجاه صحة المواطن ارتفعت تكلفة العلاج وانهارت المؤسسة الصحية حتى أصبحت جل المؤسسات الصحية والبيطرية في الريف السوداني مجرد مبان مهجورة تسكنها الهوام والدواب.

ج- خدمات الماء والكهرباء

ما تزال مشكلة مياه الشرب للإنسان والحيوان في السودان مشكلة رئيسية تأخذ من عمر الإنسان ساعات طويلة يوميا حتى داخل المدن الكبيرة وتتسبب في ضيق المراعي بما رحبت وتؤدي إلى عدم استقرار الرعاة وهلاك المواشي وضياع الثروة كل عام. بل أصبح شح مصادر المياه سببا للصراع والإخلال بأمن المجتمع. أما عن الكهرباء فان الظلام ما يزال يخيم علي سكان الريف السوداني الذين لا يشغلون حيزا في ذهن الحكام في وقت أدخلت بعض دول الجوار خدمات الإنترنت مجانا لمواطنيها. كما أن معاناة سكان المدن من عدم وجود التيار الكهربائي أو ندرته لا تقل عن معاناة أهل الريف الذين لا يعرفون الكهرباء في حياتهم اليومية حتى الذين تنتج الكهرباء في ديارهم ويستهلكها غيرهم علي بعد المئات من الكيلومترات.

 

 

 

Back