المـيـــاه والكهرباء

المياه

إن(12) توفير المياه في الريف والمدن، له أبعاده الاقتصادية في حاضر البلاد ومستقبلها والمنطقة التي تعيش فيها. فالانتاج الزراعي عصب الاقتصاد يأتي من المناطق الريفية، مما يجعل توفير الماء للإنسان والحيوان هناك أمرا ضروريا لاستمرار الانتاج وتطويره.

والماء إلى جانب كل هذا ضرورة اجتماعية، قامت حول منابعه وعلى جوانب مجاريه الحضارات وازدهرت الحياة، فاستوطن به الرحل واستقروا بعد تجوال أضاع وقتهم وجهدهم فانضموا إلى ركب العاملين المنتجين، وأتاح لهم الخدمات الأساسية من تعلىم وصحة.

سلبيات نقص المياه

بوفرة الماء تتوفر أسباب ومقومات البناء والتقدم ويقوم مجتمع الكفاية والعدل الذي يشعر فيه الفرد بإنسانيته وعزته وكرامته. إن عدم توفر المياه من العوامل الرئيسية في استقرار البداوة في البلاد وكثيرا ما ينتج عن ذلك ازدحام الحيوانات حول موارد المياه الثابتة وما يتبع ذلك من انتشار الأوبئة بين الحيوانات. وكذلك عدم توفير المياه يؤدي إلى لجوء الناس وحيواناتهم إلى موارد ملوثة وغير صحية مما يؤثر على الانتاجية عامة. وربما تسبب ذلك في موت الإنسان والحيوان. بالإضافة إلى ذلك فإن العطش يؤثر على أوجه استغلال جميع الموارد لهذه المنطقة ويشل قدرة الإنسان، إذ يشغل البحث عن الماء أكثر من 60 % من وقته، حيث تبعد موارد المياه الجوفية السطحية منها بالذات في الغالب من 3 ـ 5 كيلومتر عن بعض القرى وتجمعات السكان مما يضطر النساء لحملها على رؤسهن لمسافات طويلة.

وبما أن العمل الىدوي هو العنصر الأساسي في مناطق العطش فإن الإنسان يعمل بفعالىة تقل عن 30 % من مقدرته وإن الحيوان يستهلك طاقة تقضى على أكثر من 70b% مما أفاده من المرعى الذي يبعد بأكثر من 60 كلم من مكان الماء الشئ الذي يتسبب في هزاله.

إن الدراسة والاستفادة والبحث عن المياه ترتبط ارتباطا وثيقا بكل المكونات الأخرى الفاصلة والمتفاعلة والمتداخلة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي منطقة أو قطر. فتوفر المياه هو المرتكز الأساسي لاستقرار الإنسان ثم بلورة ثرواته زراعية أو صناعية، إذن فالمياه تمثل أهم مرتكز لتنمية البلاد وتعتمد علىها تفاعلات عوامل الانتاج.

وعند أخذ الناحية الجيولوجية بالبلاد في الإعتبار من ناحية الموارد المائية، نجد أنها أيضا عنصر من العناصر الطبيعية المعوقة لتطوير المنطقة فالصخور الأساسية والتكوينات الجيولوجية الأخرى غير الحاملة للمياه الجوفية، تسود بهذه البلاد. وقد أدى هذا إلى صعوبة الحصول على المياه بغرض الاستثمار الذي يؤدي بدوره إلى حركة الاستيطان وإلى خلق فرص المشاريع التي تساعد على الاستقرار.

مياه المدن الكبرى

تعتمد المدن الكبرى في حصولها على مياه الشرب من مناطق تبعد عنها بمسافات طويلة، وتتمتع نسبة قليلة من المنازل في حصولها على المياه من أنابيب داخل المنازل وتعيش المدن الكبرى في ظروف تهددها بالموت عطشا من حيث طريقة حصولها على مياه الشرب وتعتمد البلاد أساسا على المياه السطحية في كل مناشط الحياة. فلقد حرمت هذه المنطقة من الرسوبيات الرملية ذات الخزانات المحملة بالمياه الجوفية ما عدا جيوب صغيرة جدا. وهنالك ثلاث مناطق تكونت فيها خزانات أرضية ضحلة في نهاية مجرى الوديان الكبيرة خلال الحقب الجيولوجية الحديثة، وهي دلتا توكر ودلتا القاش ووادي أربعات. والوديان الكبيرة في البلاد هي بركة واللانقيب والقاش وأربعات وعرب ووادي آمور إلخ... بالإضافة إلى فرعي نهر أتبره وسيتيت اللذان يصبان في نهر النيل عند مدينة أتبره.

تصريف المياه

وتنساب المياه السطحية في الوديان في محافظة البحر الأحمر في اتجاهين رئيسيين هما الاتجاه الشرقي نحو البحر الأحمر والاتجاه الغربي نحو نهر النيل. ويفصل هذين الاتجاهين خط يعرف بخط تقسيم المياه، ويمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي على قمة سلسلة جبال البحر الأحمر. ويمكن تحديد هذا الخط بالتقريب بخط الطول 30 ْـ 36 ْشرقا. وتصب الوديان المنسابة نحو الشرق في البحر الأحمر، وتتميز هذه الوديان بسرعة تصريف مياهها، وذلك لقلة الرسوبيات في أحواضها من ناحية، ومن ناحية أخرى انحدارها الشديد، إذ يرتفع سطح الأرض من ارتفاع الصفر على طول ساحل البحر الأحمر  إلى أكثر من ثلاثة آلاف قدم تقريبا بالقرب من صمت، وأركويت في مسافة أقل من ستين كيلو متر، أما الوديان التي تنساب نحو الغرب، فهي تنساب ببطء نسبي، وذلك لسمك الرسوبيات وانحدارها الطفيف نسبياً. ومعظم الأودية التي تنساب نحو الغرب تنتهي في سهل مسطح حيث تتسرب المياه إلى جوف الأرض. وبما أن كمية الأمطار محدودة وشحيحة وموسمية. وموقف المياه الراهن قد أستغل إلى حد جاوز أو إقترب من الطاقة الانتاجية الحالية بالنسبة للمصدر المتاح. وعلىه يجب أن تستخدم كل الأسالىب العلمية في استخلاص كل كميات المياه من المصدر، وتخطيطها واستخدامها واستغلالها استغلالاً صحيحا. وهذا يحتم تحديد الطاقة الانتاجية القصوى للمصدر، مع تحديد حجم الطاقة الاستهلاكية للمشروع أو المدينة، وعلى ضوء الحقائق يمكن تحديد حجم المشروع أو المدينة حسب الأولويات في خطة المرفق المعني.

مصادر المياه في البحر الأحمر

تتكون مصادر المياه العذبة في محافظة البحر الأحمر من الأودية ومجاري المياه الموسمية، وتبلغ جملة مواردها 678 مليون متر مكعب، وتفاصيلها: خور بركة 600 مليون متر مكعب، خور أربعات 20 مليون متر مكعب، خور عرب 18 مليون متر مكعب، خور قوب 12 مليون متر مكعب، خور الدبيب 7 مليون متر مكعب، خور آمور 6 مليون متر مكعب، خور قدماي 4 مليون متر مكعب. كما توجد مصادر للمياه السطحية بالولاية خاصة في مدينة بورتسودان تتراوح الأعماق بين 40 ـ 60 قدم.

جاء في جيدة الخليج في العام 2003م بأن الجهات التنفيذية في ولاية البحر الأحمر تشرع في تنفيذ مشروع مياه بورتسودان بعد أن اكتمل سد XقوبZ والخط الناقل لميناء سواكن وسد XتيتاZ لتوفير مياه الشرب لمدينة سنكات هذا العام. وسيتم اكتمال سد أربعات بسعة (20) مليون متر مكعب وإمداده بعشرين ألف متر يومياً، بالإضافة لمشروع تحلية مياه البحر الأحمر لإمداد مدينة بورتسودان بـ (10) آلاف متر مكعب يومياً، ودراسة نقل المياه من نهر النيل إضافة لسد توكر وسد Xخور موجZ. وتقدر القيمة الفعلية لتنفيذ هذه المشروعات بمبلغ سبعة ملايين دولار هي عبارة عن تمويل خارجي، بالإضافة إلى تمويل محلي بقيمة (700) مليون دولار.

وادي أربعات

لقد وجد وادي أربعات إهتماماً كبيراً لإرتباطه الوثيق بمدينة بورتسودان الميناء الأول لجمهورية (السودان). وعند إنشاء مدينة بورتسودان عام 1905م، كانت المدينة تعتمد على (خور موج) في مياه الشرب. ونسبة للتوسع في حجم الميناء والزيادة السكانية المطردة وملوحة الماء، بدأ التفكير في استغلال مياه أربعات عام 1912، ولكن لم يبدأ التنفيذ إلا في عام 1924م حيث حفرت بئران تنتجان 1200 طن يومياً من الماء، الذي ينساب بالإنحدار الطبيعي في أنابيب إلى المدينة قاطعاً مسافة 30 كيلو مترا. وتم حفر ثلاثة آبار أخرى فارتفع انتاج الماء إلى 2500 طن يوميا. وفي عام 1928 تم توصيل البئر الأولى بالثانية بنفق فارتفع انتاج الماء. ثم حفرت بئر مفتوحة عام 1941 لمقابلة الزيادة في استهلاك المياه وفي موسم 1957 ـ 1958م تم حفر عشرة آبار منها أربعة غير منتجة لارتفاع ملوحتها، وفي عام 1964م تم حفر سبعة آبار ستة منها غير منتجة. وفي موسم 1965/1966م تم حفر ستة أخرى ثلاثة منها غير منتجة. وتقدر الطاقة الانتاجية لهذه الآبار بحوالى 15 الف متر مكعب في الىوم.

ازدياد الاستهلاك والمعاناة

تشير الإحصائيات إلى أن كمية المياه المتاحة في الوقت الحاضر لا تفي بكل إحتىاجات السكان والصناعات والبواخر. وتعد بورتسودان من موانيء البحر الأحمر التي تمد السفن بمياه الشرب.

أما احتىاجات مدينة بورتسودان من مياه الشرب فقد كانت في العام 1992م 686،41 متر مكعب توزعت كالآتي: 532،21 متر مكعب للمناطق السكنية، 965،4 متر مكعب للمناطق الإدارية، 683،2 متر مكعب للمناطق الصناعية والتجارية، 506،12 متر مكعب (30%) للفاقد. وفي يوليو 2001 ذكرت الصحف أن احتياجات بورتسودان بلغت 80 ألف متر مكعب، بينما سيبلغ انتاج الآبار الستة 30 ألف متر مكعب يومياً، بما في ذلك احتىاجات الصناعات المختلفة في مدينة بورتسودان من الماء، مما جعل هناك نزاعا مستمرا بين حاجة المواطنين لمياه الشرب وحاجة المصانع للمياه، إذ أن هناك عجز كبير في المياه  وهكذا نجد أن معظم سكان المدينة يعانون من شح في المياه وتعيش المدينة في حالة سيئة بصفة عامة من العطش تتضاعف في شهور الصيف حيث تفقد أرواح بسبب العطش في أطراف المدينة حيث يسكن البجه.

وتشير الدراسات إلى أن الطاقة الانتاجية السنوية لوادي أربعات تقدر بحوالى 3،3 إلى 5 مليون متر مكعب من الماء سنويا، وعلىه فقد وصل الاستهلاك إلى أقصى انتاجية وادي أربعات منذ عام 1980م وعلىه فيجب البحث عن مصدر آخر للمياه أو استخدام الوسائل العلمية لاستغلال كل مياه وادي أربعات وحتى يتم ذلك فإن سكان المدينة سيظلون مهددون بالعطش.

حجز السيول

منذ إنشاء مدينة بورتسودان، تكررت مقترحات بإنشاء خزانات وسدود لحجز المياه المنحدرة إلى البحر للاستفادة منها في إحداث أكبر قدر من الترسيب داخل الخور، ولكن اتضح أن مثل هذه الخزانات والسدود سيكون ضررها أكبر من نفعها، بمعنى أن المياه في إنحدارها إلى البحر تحمل معها كميات كبيرة من الطمي والحجارة المختلفة الأحجام، وستكون النتيجة تراكم مزيد من الطمي خلف السد أو الخزان المقترح. وستعمل كمية الطمي الكبيرة على عزل ترسب المياه داخل خزان الخور، وعلى المدى البعيد ستتراكم وراء السد أو الخزان بكميات كبيرة. وفي سبيل إيجاد حل لهذه المشكلة، تم في أوائل السبعينات التعاقد مع شركة (سوقرب) الفرنسية للقيام بدراسة هذا الوضع، واقتراح ما يمكن عمله لحجز أكبر كمية من المياه داخل الخور.

مشكلة تمويل الخزان الأرضي

وبعد خمس سنوات من الدراسات، توصلت الشركة إلى أنه لا بد من تشييد خزان أرضي في أضيق منطقة في أسفل الخور على عرض 450 متراً. والهدف من هذا السد الأرضي هو منع تسرب المياه من باطن الأرض إلى البحر، وذلك بسبب الانحدار الشديد. وقدرت الشركة أنه يمكن توفير 27 مليون متر مكعب داخل الخزان الأرضي.

تم الاقتراح على تشييد السد المقترح بمنحة من بنك التنمية الإفريقي تقدر بمبلغ 6 مليون دولار، ووصل التنفيذ مرحلة طرح المناقصات، ولكن في آخر لحظة تدخلت هيئة توفير المياه آنذاك، وزعمت بأنه لا جدوى من قيام هذا السد، لأن في المنطقة سد طبيعي يؤدي مهمة السد المقترح. استمع المسؤولون في الهيئة المركزية للكهرباء والمياه لوجهة نظر هيئة توفير المياه، وبدأت في البحث عن السد المزعوم، فلم تجد له أثراً. واستغرق الجدل البيزنطي بين الهيئتين وقتاً كافياً لأن يسحب بنك التنمية الإفريقي قرضه، وإنتهى المشروع الذي كان يعتبر الحل الأمثل لمشكلة المياه في بورتسودان.

تعلية الخزان والمصادر الأخرى

كثرت الاقتراحات لحل مشكلة مياه بورتسودان مثل توصيل الماء من أتبره، أو خشم القربة، أو دلتا توكر. أما مشروع جلب المياه من خور سلوم فهو في طور التجربة الآن (1992م). إن استغلال هذا المصدر سيكون له أثر ضار على أهالي سلوم ومزارعهم ومراعيهم، وهذه حلقة من مسلسل إبادة البجه. وفي شهر يناير العام 2002م تم توقيع عقد تعلية خزان أربعات بين السودان وشركة كيم ودانفوديو الشركة المنفذة بتكلفة (700) مليون دينار ويزيد السعة التخزينية (15) مليون متر مكعب. كان يمكن تنفيذ هذا المشروع أثناء ولاية أي والي بجاوي للبحر الأحمر، ولكن الإنقاذ تريد أن تثبت للبجه أن أبناءهم فشلوا في حل المشكلة وأن الشماليين أكفأ منهم، طبعاً، لأنها تدعمهم لينجحوا. ولكن بالرغم من كل هذا الصرف الهائل فإن المدينة تظل تحت رحمة كمية مياه السيول.

يتم توزيع المياه في أحياء المدينة المختلفة بشبكة طولها 140 كيلو متر، وتتكون من أنابيب 12 بوصة و8 بوصة و6 بوصة و4 بوصة و2 بوصة. وبالطبع فإن الشبكة لا تغطي كل أحياء المدينة (لا بد من الإشادة بمجهودات المرحوم المهندس زمراوي)، فالمناطق الشعبية التي يسكن فيها البجه أصحاب المياه لا تصلها المياه وتتم تغطية متطلباتهم من أكشاك، ويعانون من ارتفاع سعر المياه وتبديد الجهد والوقت والمال في الحصول على المياه.

كتب الأستاذ التاج عثمان عن مشكلة مياه بورتسودان في صحيفة الرأي ما نورده بتصرف. وصلت أزمة مياه بورتسودان ذروتها في يوليو 2001م، حيث وصل سعر صفيحتي الماء إلى (200) دينار، بل وإن كثيراً من المواطنين لم يحصلوا عليها حتى بهذا السعر المرتفع!

وفي المقر الدائم للجنة حل مشكلة المياه، قال الدكتور سيد بيومي نائب رئيس اللجنة، أن هناك 120 بئراً في خور أربعات لكنها لا تعمل جميعها. وتغذي المدينة يومياً بحوالى (30 ـ 40) ألف متر  يتسرب نصفها من الشبكة. وتغطي الشبكة حوالى (30%) فقط من المدينة، ويستفيد منها فعلياً (15% ـ 20%)، لأن الشبكة موجودة في الأحياء الراقية وليس Xحيث يقطن البجهZ. ويوجد ببورتسودان مائة ألف منزل، وليس بها سوى (20 ـ 25) ألف عداد مياه، هذا يعني أن (75%) من سكان المدينة ليس لديهم امداد مائي منتظم.

في شهر مارس 2002م صرح والي البحر الأحمر بأن ولايته تتفاوض مع شركات سعودية وإماراتية وكويتية لتنفيذ مشروع طويل الأمد لحل مشكلة مياه بورتسودان عبر خط ناقل من مدينة أتبره إلى بورتسودان يقدر طوله بنحو 472 كيلومتراً وبتكلفة 2150مليون دولار عبر نظام البوت. في شهر أغسطس 2002 تم الإتفاق مع شركة لبنانية لتحلية 10 الآف متر مكعب من المياه يومياً بتكلفة 7 ملايين دولار تنفذ خلال 6 شهور.

دعم مشروعات مياه البحر الأحمر

في يناير العام 2001م، تم التوقيع المشترك والصرف الصحي بولاية البحر الأحمر الذي تساهم في تمويله منظمة اليونسيف وهيئة المياه ووزارة التخطيط العمراني والمحليات بالولاية إلى جانب مساهمة الهيئة القومية للمياه بالخرطوم. وأوضح وزير التخطيط العمراني بالولاية عثمان إبراهيم شوف أن المشروع يشمل حفر وتركيب 44 بئراً جديدة وصيانة 96 مضخة يدوية جديدة إلى جانب إنشاء 122 من المراحيض المنزلية والمدرسية والعمومية. وقال إن المشروع يهدف لتطوير خدمات المياه والصرف الصحي وزيادة استخدام الصرف الصحي.

مياه دلتا توكر

تستجلب المياه لمدينة توكر من كرمبيت داخل الدلتا على بعد 18 كيلومتر. والمياه متوفرة في هذه المنطقة، وقد تم إنشاء هذا المشروع عام 1925. وتعتبر مدينة توكر من أوائل المدن في (السودان) التي تنعم بمياه شرب نقية نتيجة لإنشاء المؤسسة الزراعية فيها. وتتعرض المياه للانقطاع نسبة للظروف المناخية من سيول وأعاصير في الخريف. ويوجد خطان لنقل المياه من المصدر أحدهما قياس 8 بوصة والآخر 6 بوصة. وتم إنشاء محطة اسعافية على بعد ثلاثة كيلومترات من المدينة بحفر آبار بعمق 70 قدماً في المتوسط. وتنتج هذه الآبار 700 متراً مكعباً في اليوم، وتحتاج المدينة إلى 1200 متراً مكعباً في اليوم.

مشروع مياه سنكات

مصادر المياه بسنكات شحيحة للغاية ولقد كانت المدينة تحصل على مياه الشرب من آبار في الخور بالمدينة الرئيسية بواسطة طلمبات كهربائية غاطسة. وقد نضبت هذه الآبار واستعيض عنها بحفر ثلاثة آبار في منتصف المسافة بين سنكات وجبيت (أديت). وتم مد خط قياس 6 بوصات إلى مسافة خمسة كيلومترات لتوصيل المياه إلى مدينة سنكات. وتبلغ انتاجية هذه الآبار 300 متر مكعب في اليوم. وجرى استبدال الخط 6 بوصة القديم بآخر جديد من مخلفات مواسير شركة ريكي التي عملت في مشروع هيا ـ كسلا.

مشروع مياه جبيت

مصادر مياه جبيت مثلها مثل المصادرالأخرى بالبحر الأحمر شحيحة تعتمد على معدل هطول الأمطار وتعاني من عدم اهتمام السلطات. وتوجد خمسة آبار تدار بمحركات ديزل بالإضافة إلى بئر سادسة حفرتها الشركة الألمانية التي شيدت طريق بورتسودان/ هيا، وتدار هذه بمولد كهربائي. ويوجد خط 6 بوصة وآخر 4 بوصة لتوصيل المياه إلى المدينة. أما شبكة المياه داخل المدينة فهي تتكون من مواسير قياس 3 بوصة و2 بوصة.

مياه سواكن

توجد بعض الآبار بخور الشاطيء (الشاطه) لإمداد مدينة سواكن بالمياه وذلك لبعض المنشآت والمرافق العامة. وتتميز مياه هذه الآبار بالملوحة ولا تصلح للشرب إلا عند تدفق السيول في الخور. وتضخ المياه من الآبار بواسطة المراوح الهوائية وطلمبات إدكو. والآن توقفت مراوح الهواء لعدم وجود قطع الغيار وشح إمداد المياه لذلك. وتوجد شبكة متواضعة من خطوط قياس 4 بوصة وبوصتين.

وفي شهر مارس 2002م تم في بورتسودان التوقيع على إتفاقية تنفيذ مشروع توصيل المياه من سد قوب بالمنطقة جنوب سواكن إلى مدينة سواكن ومنطقة البحر الأحمر الحرة حيث تم الإتفاق بين حكومة الولاية وشركة الموانيء الهندسية على توصيل شبكة مياه بطول 25 كيلو متراً لضخ خمسة آلاف متر مكعب من المياه يومياً.

(13) ويعتبر وادي (أديت) من أهم الخيران بمنطقة سنكات وهو الذي يمد مدينة سنكات وكذلك جبيت بما تحتاجانه من مياه ولم تكتمل الدراسات الهيدرولوجية لهذا الوادي لمعرفة كميات المياه الجوفية المخزونة به، وكميات المياه المستخرجة والمتجددة له.

ووادي عرب من أكبر الأودية بمديرية البحر الأحمر، ويحمل سنويا كميات من المياه السطحية تقدر بأكثر قليلا من الخمسين مليون متر مكعب في السنة. أما وادي دورديب ووادي لانقيب فكلاهما يحتويان على مياه جوفية.

وفي منطقة حلايب توجد بعض الآبار بوادي (جيلهوك) ووادي (دولب) كما أن هناك بعض الخيران والأودية التي تحتاج إلى دراسات موسعة لمعرفة إمكانية تواجد المياه الجوفية بها مثل وادي (شالال) ووادي حلايب (ووادي تومايت) ووادي (سيريماتاى) إذ أن منطقة حلايب أكثر المناطق تعرضاً للجفاف والقحط وما يتبعهما من مجاعات ومحل.

وفي منطقة سواكن فلقد أسفرت الدراسات الهيدروجيولوجية بوادي (هندوب) عن قلة المياه الجوفية. أما وادي (قوب) فإن المياه الجوفية متوفرة فيه.

المياه في محافظة كسلا (والقضارف)

إن طقس محافظة كسلا (والقضارف) يجعل المياه نادرة (المشروع الهولندي). ويشكل وجود مياه الشرب وجودتها وجود الناس والحيوانات، واختيار مناطق استيطان الناس يعتمد أساسا على هذين العاملين.

ويعتمد إمداد ولاية كسلا والقضارف بمياه الشرب على أنواع عديدة من مصادر المياه، ذات الخصائص المختلفة فيما يتعلق بفترة الإمداد وجودة المياه وطاقتها.

إن الوصول إلى مصادر المياه السطحية، بخلاف جلبها من الأنهار والقنوات، مقتصر على موسم الأمطار وشهرين أو ثلاثة أشهر بعد ذلك. وينطبق نفس الشئ على الآبار الضحلة التي يعاد شحنها من الخيران ونهر القاش. إضافة إلى هذا فإن هذه الآبار غير دائمة،حيث تدمرها الفياضانات كل عام. وتزود معظم الأنهار الآبار بالمياه السطحية خلال فترة الجفاف، ولكنها تجف في النصف الثاني من موسم الجفاف (مارس ــ يونيو). تتوفر مصادر المياه الجوفية ومياه ري الخزانات طوال العام، ولكنها بالرغم من هذا تعتمد على إعادة الشحن المنتظمة بالمياه. نتيجة لعدم توفر بيانات كافية، فلا يمكن الحصول على نظرة فاحصة على وضع امدادات المياه في الولاية. وبالرغم من هذا فإنه بمقارنة البيانات المتوفرة عن انتاج المياه واحتياجات الناس والماشية من المياه يجعل من الممكن التوصل إلى بعض النتائج.

مياه الشرب في كسلا والقضارف

نسبة لأن عدداً كبيراً من مصادر المياه موسمية فإن انتاج تشغيل المصادر من المحتمل جداً ألا يلبي أقل احتياجات الناس في الولاية (2،2 متر مكعب للشخص في السنة). وإذا نظرنا إلى مقياس منظمة المياه العالمية فإنها تخصص 3،7 متر مكعب للشخص في السنة، والوضع الحالي في البلاد أسوأ من هذا بكثير.

مصادر المياه في ولاية كسلا

أهم مصادر المياه السطحية في ولاية كسلا تشمل نهر أتبرا ونهر القاش، ويتكون نهر أتبره من نهري أتبره وسيتيت ومتوسط إيراده السنوي (12000) مليون متر مكعب 60% من نهر سيتيت و40% من نهر أتبره، وتبلغ كمية المياه المتاحة لاستغلال الولاية من هذا النهر سنوياً (3980) مليون متر مكعب.ويبلغ متوسط الإيراد السنوي من مياه نهر القاش (560) مليون متر مكعب ويوظف (60%) منه لري مشروع القاش الزراعي، بينما يتسرب جزء من المتبقي لتغذية الخزان الجوفي ويفقد جزء كبير بواسطة التبخر. وتعتبر منطقة كسلا من أكثر مناطق (السودان) استخداماً للمياه الجوفية التي تروي سبعة آلاف فدان مزروعة بالفواكه والخضر. وتوجد المياه الجوفية في منطقة كسلا في الرواسب النهرية التي رسبها نهر القاش ويقدر مخزونها السنوي بستمائة مليون متر مكعب.وتبلغ انتاجية حوض القاش 300 ألف متر مكعب في اليوم، وانتاجية حوض أدارهبيب 50 ألف متر مكعب في اليوم. 

وفي منطقة الجمام تم حفر أربعين بئرا جوفية في الفترة ما بين عام 1926م وعام 1935م. وتتراوح انتاجية هذه الآبار بين ألف وألف وخمسمائة غالون في الساعة. وتتميز المياه بقلة الأملاح الذائبة بها. ونتيجة للدراسات التي أجريت في هذه المنطقة عام 1970م اكتشفت في منطقة الجمام مياه جوفية وفيرة صالحة للشرب والزراعة.

أما منطقة (مكلي) فلقد إتضح من الحفريات التي أجريت ما بين عام 1926م وعام 1927م أن انتاج الآبار ضعيف كما وأن الأملاح الذائبة بالماء عالىة.

كما تم حفر عدة آبار جوفية في منطقة أروما لمد هذه المنطقة بالمياه الجوفية الصالحة للشرب، وقد كانت انتاجية هذه الآبار ضعيفة، كما وأن الماء مالح. وفي عام 1962م حفرت بئر جوفية بمنطقة (ود عالم) وقد كانت المياه مالحة وغير صالحة للشرب.

(14) ولتنمية مصادر المياه في البلاد خاصة في وادي أربعات يجب إنشاء محطة مشتركة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء بين بورتسودان وسواكن لمقابلة إحتىاجات المنشآت الصناعية الجديدة.

كذلك العمل الفوري في إنشاء شبكات أنابيب تربط بين مصادر المياه المختلفة الواقعة بالقرب من الساحل، وتوزيع المنشآت الصناعية والعمرانية على ساحل البحر بهدف التناسب والتناسق بينها وبين مواقع مصادر المياه الطبيعية.

وبالنسبة للمياه الجوفية والسطحية في الوديان فيعمل على الاستفادة منها لأغراض الزراعة وتوطين الرحل وكذلك تعميم إنشاء السدود في الأودية التي سبق أن أجريت بها دراسات سابقة. وكذلك الاستفادة من الطرق الحديثة لتحلية المياه لأي منشآت اقتصادية تقوم بالمنطقة الشمالية وخاصة طريقة التحلية بالطاقة الشمسية لخاصيتها الاقتصادية.

أما بالنسبة لإنخفاض منسوب المياه الجوفية بمنطقة كسلا فلا بد من تكملة الدراسات التي بدأتها مصلحة الجيولوجيا في السنين الأخيرة والتي تشمل الأودية (1974).

وحول الحقوق المكتسبة من مياه القاش وبركة يتوجب التوصل لإتفاق مع الجارة إريتريا حول هذه الحقوق والتعاون الفني للتنظيم على ما يلزم من معلومات الرصد والتنبؤ، وتحسين طرق الري بدلتا القاش وتوكر بهدف الاستفادة المثلى من المياه الفائضة وترشيد استعمالها في أغراض الزراعة.

وأيضا الإهتمام بحل مشكلة مياه الشرب بمناطق الزراعة الآلية عن طريق حفر آبار جوفية أو مد أنابيب مياه من الخزانات المقترحة، وتدعيم الأجهزة الإدارية بالكوادر الفنية اللآزمة نسبة لحدة مشاكل المياه في البلاد والعمل على إتباع الطرق الحديثة لتغذية الخزانات الجوفية بمياه الفيضانات بصفة خاصة في بركة والقاش وتعميم ذلك على كل الوديان الرئيسية بمنطقة البحر الأحمر.

مياه القضارف

تشكل مشكلة المياه هما كبيرا لمواطني القضارف وريفها. ذكر والي القضارف في صحيفة الرأي العام عدد 19/8/1999 Xتم تأهيل كل مصادر المياه القديمة والحديثة بولاية القضارف، وتضاعفت كميات المياه من الشوك، وأبو النجا، والعزازة، والسرف  ... ونقوم الآن بإنشاء سدود كبيرة، مثل سد (دلسه) وسد (آبايوه). تبلغ حاجة مدينة القضارف من المياه 25 ألف متر مكعب يوميا ونمتلك الآن 26 ألف متر مكعب يوميا. المشكلة ليست مصادر المياه بقدر ما هي في الشبكة التي نقوم بتجديدها وتأهيلهاZ.

اعتمدت القضارف في الماضي على الأمطار والوديان والحفائر والآبار السطحية لمدها بمياه الشرب، ولكنها ومنذ نهاية الخمسينات تميزت بطفرة اقتصادية هائلة أدت إلى تطور وتوسع تبعها زيادة سكانية ضخمة بلغت نسبتها 7،4% مما نتج عنه البحث عن مصادر مياه جديدة لمواكبة الزيادة السكانية. ومن المحاولات، خزان دلسة في الستينات، محطة أبو النجا، محطة مياه الشوك في السبعينات على نهر أتبره، محطة العزازة في التسعينات. واستمر المتاح لا يفي بالإحتياجات الفعلية التي يبلغ 25 ألف متر مكعب يومياً، ويقدر الإحتياج المستقبلي بالمترات المكعبة يومياً 37 ألف عام 2003، و52 ألف عام 2008، و85 ألف عام 2015. توفر المصادر المتاحة في أفضل الظروف (16 ألف متر مكعب يومياً). اقترح إنشاء سد أكرب على نهر أتبره لتنمية منطقة البطانة. وموقعه قرب مدينة الشوك على مسافة 40 كلم من الحدود الإثيوبية  المساحة المقترح ريها هي 500 ألف فدان. والهدف من المشروع إمداد مدينة القضارف وكل القرى بمياه الشرب، قيام التصنيع الزراعي والتعدين وزراعة المحاصيل النقدية، اسعاف خزان خشم القربة الذي قل تخزينه نتيجة لتراكم الأطماء، واستغلال بحيرة السد لتوليد الكهرباء المائية. وفي الريف تم حفر 55 بئراً و41 حفيراً، كما تم تأهيل 186 بئراً و141 حفيراً. كذلك تم بتمويل من صندوق الأمم المتحدة بكلفة 307 مليون دولار حفر 24 بئراً تجريبية ضمن مشروع تنمية وسط البطانة.

جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 27/12/2002 ما يلي: يشكل الحصول على مياه الشرب النقية مشكلة حقيقة في ولاية القضارف خاصة في فصل الصيف. وتتفاقم المشكلة نتيجة للنمو السكاني العالي الذي يبلغ 47% في العام، ويعد أعلى النسب في (السودان)، وبالرغم من ارتفاع متوسط الأمطار الذي يتراوح من 500 إلى 600 مللتر في العام، إلا أنها فترة موسمية قصيرة. وتصل حاجة استهلاك المياه إلى 25 ألف متر مكعب يومياً، بينما المتاح حوالى 17 ألف متر مكعب يومياً في فترة جريان نهر أتبره، وعند توقف جريان النهر، يصبح المتاح 6 آلاف متر مكعب يومياً، ونتيجة لذلك تكون حصة الفرد من المياه 15 لتراً يومياً بينما من المفترض أن تكون حوالى 70 لتراً يومياً. والمصادر الحالية للمياه هي من نهر أتبره حيث يتم ضخ 10 آلاف متر مكعب يومياً، من هذا النهر الموسمي، ويصل الضخ إلى صفر عند توقفه عن الجريان، إضافة إلى آبار الشوك وهي تضخ مساعدة تبلغ 3 آلاف متر مكعب يومياً، كما تعطي آبار أبو النجا، وهي آبار جوفية، حوالى 3 آلاف متر مكعب يومياً، وآبار العزازة، وهي مياه جوفية، تعطي بين 3 و4 آلاف متر مكعب يومياً، وأفضل المتاح حوالى 2500 متر مكعب يومياً، إلا أنه نسبة للنمو السكاني السريع ستبلغ احتياجات المدينة العام 2015 حوالى 85 ألف متر مكعب يومياً. (12/ 2002).

الكهرباء في البحر الأحمر

في مارس عام 1988، (تقرير عبد المجيد سيد أحمد، كبير مهندسي تخطيط الشبكات في الهيئة القومية للكهرباء) أوفدت الهيئة القومية للكهرباء مهندسين واقتصادي إلى منطقة البحر الأحمر لإجراء تحديث للدراسة التي قام بها المستشارون موتر كولمبس في منطقة البحر الأحمر، والتي تمت في عام 1982 حيث أنه لم يطرأ تغيير يذكر على هذه المنطقة حتى الآن (يناير 1993).

بورتسودان وسواكن

بورتسودان هي المدينة الثانية في (السودان) بعد الخرطوم من حيث التعداد السكاني واستهلاك الكهرباء. يبلغ عدد سكان بورتسودان نصف مليون نسمة وفق حصر البطاقات التموينية، والواقع فإن عدد سكانها يزيد على المليون نسمة إذا اضيفت كل قطاعات اللآجئين والنازحين من البلدان المجاورة.

توجد بالمدينة صناعات كبيرة ومتعددة منها صناعات النسيج والزيوت والصابون ومطاحن الدقيق وبعض الصناعات الخفيفة. والمدينة مركز تجاري واقتصادي هام يمر بها 70% من الواردات. لذا فإن الإهتمام بالطاقة يجب أن يجد العناية من السلطة الاتحادية لا أن يترك الأمر لحكومة الولاية ومجاهدات المهندس الخلوق عبدالله محمد عبد القادر قرشي.

تعاني مدينة بورتسودان حالياً من نقص مريع في التوليد الكهربائي، حيث يوجد فيها من الطاقة المتاحة فقط حوالى 18 ميغاواط من اجمالي قدرة الماكينات المركبة وهي 39 ميغاواط، أما احتياج المدينة فيبلغ حوالى 2،92 ميغاواط إذا تم إمداد القطاع الصناعي. ويحتاج القطاع السكني (يناير 2003) إلى 5،24 ميغاواط (المتوفر 490،12)، والصناعات الثقيلة 3،38 ميغاواط (المتوفر 065،14 ميغاواط)، الصناعات الخفيفة 7،15 ميغاواط (المتوفر325،1 ميغاواط)، المؤسسات 4،3 ميغاواط (المتوفر646،3 ميغاواط)، الإضاء{ 6،4 ميغاواط (المتوفر 344،0 ميغاواط)، القطاع التجاري 7،5 ميغاواط (المتوفر 188،3 ميغاواط). وتعتمد حوالى 85% من مصانع القطاع الخاص على التوليد الخاص للطاقة من مولدات بلغت قدرتها 50 ميغاواط. إن التوليد الخاص عالي التكلفة لاستخدامه الوقود الخفيف بالإضافة إلى استهلاك قطع الغيار ومصاريف التشغيل، وكل هذا اهدار لاقتصاد الأفراد والدولة. نتيجة لعدم توفر الكهرباء للتبريد في المستشفيات فعندما أصيب 170 شخص بضربة الشمس في صيف العام 2001 و140 في عام 2002 توفي منهم أكثر من 25%. هنا لا بد من الإشادة بجود الدكتور الإنسان عبد الله أحمد عمر.

مدينة سواكن هي ميناء (السودان) الثاني وتقع على بعد 60 كلم من جنوب بورتسودان، ويبلغ عدد سكانها 2300 نسمة، ويعمل معظمهم في الرعي وبها تجارة المواشي وصيد الأسماك وبعض الصناعات الحرفية الخفيفة. ويزيد من أهمية سواكن افتتاح المنطقة الحرة .

ومن المقترح تركيز توليد الطاقة الكهربائية في مدينة بورتسودان وأن تغذي مدينة سواكن بضغط عالي 2×33 ك ف. حيث من المقدر أن تستهلك المنطقة الحرة حوالى 10 ميغاواط. وتم تقدير كلفة مشروع كهرباء سواكن من شبكة توصيل وشبكتا ضغط عالي ومنخفض بمبلغ 108 مليون جنيه. في شهر سبتمبر عام 1993 ، حضرت شركة كولجيان الأمريكية وشرعت في دراسة جدوى بخصوص تحلية جزء من مياه البحر الأحمر، واستخدامه في مجالي التوليد الكهربائي، وإمداد مدينة بورتسودان بحاجتها من مياه الشرب. واستبشرت الشركة عندما علمت بوجود غاز طبيعي بمنطقة البحر الأحمر والذي بدء في استغلاله فعلاً. وتؤمل الشركة في استخدام هذا الغاز كوقود سوف يقلل التكلفة، إن لم نقل سيجعلها شبه مجانية.

من المتوقع أن يرتفع التوليد الكهربائي الحالي بمدينة بورتسودان إلى 20 ميغاواط بعد إعادة تأهيل الماكينات الموجودة، وسيظل هناك نقص قدره أكثر من 40 ميغاواط. وتقترح الخطة الاسعافية شراء 3×10 ميغاواط ماكينات ديزل، وقد كان أن بحثت الحكومة اليابانية تمويل هذا المشروع، كما وقدم هذا المشروع لبنك التنمية الإفريقي لتمويله، وحتى الآن لا يزال المشروع معلقاً (1993). وإذا نفذ هذا المشروع يستمر عجز العشرة ميغاواط. وتقدر تكلفة تنفيذ المشروع، وهي 4 مولدات×10 ميغاواط وشبكة توزيع بورتسودان بمبلغ 60 مليون دولار من المكون الأجنبي و60 مليون جنيه من المكون المحلي. بالإضافة إلى زيادة نسبة 30% للطواريء لهذه التكلفة. وإذا تمت تغطية العجز في التوليد والتوزيع، فسوف تقل تكلفة المنتجات الصناعية، وسوف يتحسن الامداد الكهربائي لمدينتي بورتسودان وسواكن وسوف وسوف!! وحتى اليوم 27/6/2003 لم يتم غير تنفيذ خطة اسعافية .

في إطار دراسة الخطة الطويلة الأمد حتى عام 2015، التي تتم بواسطة الهيئة القومية للكهرباء عن طريق المستشارين الكنديين (أكرز)، فإن هناك مقترحات باستخدام الغاز الطبيعي وتوليد طاقة حرارية بخارية في حدود الـ 320 ميغاواط، وربط مدينة بورتسودان بالشبكة القومية بعد إنشاء سد الحماداب (مروي) حيث التوليد الكهرمائي. ومن المقترح أن تربط مدينة بورتسودان بواسطة ضغط عالي في حدود الـ 220 ك ف حتى مدينة أتبره، وبالتالي ترتبط بالشبكة القومية للكهرباء. تم في يوليو 2000، الإتفاق مع شركة خاصة لتزويد مدينة بورتسودان بالكهرباء من مولدات. كما تم إنشاء شركة مساهمة خاصة لهذا الغرض، بينما نرى وزير النفط يتبرع لكهرباء ولاية النيل بآلاف الدولارات، في النهاية فإنه مهما كانت قوة الكهرباء فإن البجه لايستفيدون منها شيئاً.

كهرباء محافظة توكر

تقع مدينة توكر على بعد 120 كلم جنوب بورتسودان، وعدد سكانها 16150 نسمة (تعداد 1976)، ويقدر البعض سكانها بــ 300 ألف نسمة في موسم الزراعة. ومدينة توكر من أوائل المدن التي دخلت فيها الكهرباء في السودان عام 1946، وذلك بفضل الله ثم السيد باعبود الذي أنشأ شركة كهرباء خاصة. وحكى الأستاذ عبد الله الحسن الخضر، أن الكهرباء في عهد شركة باعبود لم تتعطل إلا مرة واحدة فقط بسبب الصيانة الدورية، تلقى فيها السكان اعتذارا مكتوباً وزع عليهم مسبقاً!

يقدر احتياج المدينة من الطاقة الكهربائية بحوالى 2 ميغاواط، وذلك في حالة تضمين الخطة الاسكانية التي تبلغ 5646 قطعة، بالإضافة إلى تحديث شبكة التوزيع، وادخال شبكة توزيع جديدة للامتدادات السكنية الجديدة في شمال المدينة. وتقدر تكلفة مشروع التطوير الذي يتكون من 2 مولد ×500 كيلواط وواحد مولد ×1 ميغاواط بالإضافة إلى شبكة توزيع للضغطين العالي والمنخفض بالعملة المحلية فقط، 2 مليون دولار أمريكي من المكون الأجنبي، و75 مليون جنيه من المكون المحلي.

كهرباء محافظة سنكات

(تشمل محافظة سنكات مدينتي سنكات وجبيت. وتقعان على بعد 150 كلم تقريباً جنوب غرب مدينة بورتسودان. يبلغ عدد سكان مدينة سنكات 7918 نسمة (تعداد 1983)، ويقدر عدد سكانها حالياً بحوالى 17000 نسمة نتيجة لنزوح سكان الريف الذين تضرروا من الجفاف الناتج عن تدمير البسئة بتشييد الطرق السريعة وغيرها. وتستمد أهميتها من كونها أكبر محطة للسكة الحديد ويوجد بها مصنع للرخام متوقف منذ عدة سنوات. وعدد المنازل فيها 000،5 منزل، والمقترحة 000،7 منزل. وتقدر تكلفة مشروع تطوير الكهرباء للمدينتين الذي يتكون من 2 مولد ×500 كيلواط وواحد مولد ×1 ميغاواط بالإضافة إلى شبكة توزيع للضغطين العالي والمنخفض بالعملة المحلية فقط، 2 مليون دولار أمريكي من المكون الأجنبي، و42 مليون جنيه من المكون المحلي، بالإضافة إلى 10 مليون جنيه لشبكة توصيل جبيت (11 ك ف).

يقدر عدد سكان مدينة جبيت بحوالى 000،7 نسمة (تعداد 1983)، ويقدروا حالياً (1993) بــ 000،10 نسمة. تستمد جبيت أهميتها من وجود قاعدة عسكرية كبيرة ومدرسة تدريب المشاة فيها. وتبعد حوالى 15 كلم شمال مدينة سنكات. وبها حوالى 150 مشتركاً في الكهرباء. ويمكن ربط مدينة جبيت بسنكات بخط ضغط عالي 11 ك ف لمسافة 15 كلم لتتغذى المدينة من سنكات، وبذا يتم توفير تكاليف تركيب محطة وأجور عمالة وصيانة وتشغيل، وحيث يوجد بها 1800 منزلاً فقط، فإنها لا تشكل عبئاً على محطة سنكات.

كهرباء محافظة حلايب

تقع حلايب على بعد 450 كلم شمال مدينة بورتسودان، وعدد سكانها 1500 نسمة (تعداد 1983). وتستمد أهميتها من أن بها نقطة جمارك حدودية ومنطقة تكامل بين (السودان) والشقيقة مصر، بالإضافة إلى تجارة المواشي. يقدر عدد المنازل فيها بحوالى 000،3 منزل. وتقدر تكلفة مشروع تطوير الكهرباء للمدينة الذي يتكون من مولد 4/3 ميغاواط ×250 مليواط ×3 4/3 مليون دولار أمريكي من المكون الأجنبي، ومن المكون المحلي 4/3 مليون جنيه سوداني بالإضافة إلى 40 مليون جنيه لشبكة التوزيع.

كهرباء ولاية كسلا

تتمثل مصادر الطاقة الكهربائية بالولاية في المحطة الحرارية بكسلا بطاقة تصميمية (6) ميغا واط والتوليد المائي بخزان خشم القربة، إضافة إلى الإمداد المباشر من الشبكة القومية.

البــداوة والــتـوطــين

يغلب الطابع البدوي على السكان في بلاد البجه. ويرجع ذلك للظروف التي تكتنف بيئتهم نتيجة للعوامل الطبوغرافية في تفصيلها للوديان الضيقة التي تخترق السلاسل الجبلية الشاهقة الارتفاع، مع السهول المنبسطة ذات الصحارى المقفرة مع حضور قليل لنبات هزيل. ويصحب هذا كله ارتفاع تدريجي في درجة الحرارة وتعاقب فصلين قصيرين للمطر في الشتاء والصيف معاً.

كل هذه العوامل أثرت تأثيراً مباشراً على حياة السكان فنهجوا حياة البداوة والترحال الدائمين. ولما كانت مياه الآبار محدودة فإن النبات وتوفر المرعى كانا عاملين رئيسيين وسبباً مباشراً في الهجرة من مكان لآخر، وتباعدت المراعي عن بعضها البعض وتركزت في مناطق عن غيرها، فكان استقرار الجماعات حولها في قرى صغيرة تدوم طوال الموسم الواحد.

وكما أدت هذه العوامل لتربية نوعية معينة من الحيوانات ظلت تقاوم ظروف الجفاف المتوالىة الصعبة، واستطاعت أن تتكيف حسب ما تهيئه لها البيئة فانتشرت قطعان الأغنام في المناطق المقفرة والإبل والأبقار في المناطق الأفضل وأكثر استقرارا.

إن البداوة كظاهرة اجتماعية هي مظهر من مظاهر التخلف الاجتماعى الذي تعكسه سماتها الأساسية المتمثلة في طباع البدوي من نفور وحب للحرية وبغض لقيود الاستقرار. ونسبة لعدم إهتمام السلطات المتعاقبة لمحاربة هذه العادات السيئة وعدم نشرها للوعي الاجتماعي بين شعب البجه فقد نتج عن ذلك عدم استطاعة البجه للإنتظام في الأعمال المستقرة أو المشاريع والتي فشلت بعد أن إنتزعت مراعيهم وقضت على حيواناتهم. بالإضافة إلى هذا فإن تهجيرهم للمشاريع تم دون سابق تخطيط أو دراسة اجتماعية لظروفهم ونتج عن ذلك فناء أسر بجاوية كثيرة، نسبة لإختلاف البيئة ونمط الحياة، وتعرضهم لأمراض لم يألفوها وعدم وجود العناية الطبية اللآزمة لها.

(15) إن البداوة في بلاد البجة تنتظم الوطن كله بصفة عامة، والشمال والشمال الشرقي بصفة خاصة. ولقد تعرض هذا التوزيع لهزات واضحة بإدخال المشروعات الزراعية، حيث وجد الرحل أنفسهم في معظم المناطق، إما أنهم في صراع مع المشاريع التي أوجدتها حكومات الخرطوم فوق الأرض الرعوية القديمة، كما هو الحال في منطقة القاش وبركة ومناطق الزراعة الآلية في القضارف وكذلك خشم القربة وحلفا الجديدة وغيرها، أو في محاولة يائسة لإنخراط أنفسهم فيها كما حدث في مشروع خشم القربة. وإنبنى على ذلك خلو بعض مناطق الرعي، وتكدس في مناطق أخرى وما نتج عن ذلك من آثار بيئية واجتماعية. ولقد تعرض الرعاة الذين قامت على أرضهم المشاريع الانمائية لمعظم الهزات التي أحدثتها هذه المشاريع دون أن يكون لها انتاج ملحوظ فى تغيير نمط حياتهم، وهاجر معظمهم إلى مناطق الزراعة حيث العمل الموسمي أو إلى بورتسودان للعمل في الميناء.

واستمر بعض البجه في ممارسة الحياة الرعوية رغم إنعدام الحيوان ويدل على ذلك نمط السكن المتفرق الذي ما زال مسيطراً، وتجوالهم المستمر. وبمعنى آخر فلقد ذهبت القاعدة الاقتصادية وبقيت الثقافية والنفسية في هامشية غير منتجة لا تصلح لغير هذا الاستغلال.

وحيث يشكل الرعي الحرفة الأساسية في البلاد نجد أن مجموع الثروة الحيوانية فيه تمثل 7% (2325) ألف رأس من الحيوانات من جملة الثروة الحيوانية في (السودان) 1974. وقدرت في عام 1972م بـ 9% حيث يمثل الضأن 37% منها والأبقار 27% و 15% الجمال والماعز 21%، وتمثل البداوة في بلاد البجه أكبر نسبة للبداوة في (السودان) كله. ويعيش 78% من البجه خارج المدن وحوالى 5% فقط منهم مستقرون في قرى دائمة.

وبإعتبار أن أهم ما يميز الحياة في هذه البلاد هو بساطة متطلبات المعيشة والمواد الغذائية المحدودة ومثيلاتها في السكن والملبس البسيط، إلا أن الدخل العام للأفراد منخفض بصورة أكثر وضوحا من بقية أقالىم (السودان). وفي تباين واضح حيث أن (1) دخل الفرد يتأرجح ما بين 34 جنيها في العام في المتوسط وينخفض إلى 17 جنيها (1974) في بعض المناطق الأكثر فقرا وجفافا، ويضاف لهذا التعقيد في إنخفاض الدخل وتفشي الجهل وعدم الوعي بينهم، وهذا ما يفسر تزايد عدد الوافدين واستيطانهم بل وإمتلاكهم للمزارع في مشاريع التنمية. ويعني هذا أن موقف البجه نحو التغيير بصورته الحالية لم يتبدل. ويقابل هذا من ناحية أخرى انتاجية ضئيلة جداً من الحيوان نتيجة للجفاف والتجوال الطويل وأسلوب الاستفادة المتبع وإحتلال المشاريع الزراعية لأراضي المراعي، كما تعتبر الهجرة الموسمية واحداً من أهم العوامل التي تضاف للظروف المعقدة.

البطانة الشمالية

منذ عهد ضارب في القدم، عرفت البطانة بأنها إحدى أفضل مناطق الرعي في افريقيا. إن الرعاة الذين يرعون بصورة منتظمة في البطانة يجب أن يتفق معهم على استخدام المنطقة. وإذا لم يتم الإتفاق بين الرعاة والمزارعين فإن حروباً قبلية ستنشب. وفيما بعد تم وضع قوانين وأصبح جزءاً من البطانة منطقة رعي مفتوحة. وأدى الغاء الأراضي القبلية للبجه إلى تحول المنطقة إلى الشيوع في استخدامها، دون أي تنظيم لاستخدام المراعي أو نقاط السقي. وخلال العقدين الماضيين تدهورت مراعي البطانة بصورة مريعة في النوعية والكمية. فقد اختفت أعشاب قيّمة واختفت الحشائش والشجيرات. إن ضعف التنظيمات القبلية وتقليص المراعي للتوسع في الزراعة الآلية في جنوب البطانة، وازدياد عدد قطعان الحيوانات وتدني منسوب الأمطار منذ الخمسينات والستينات الممطرة، تسبب كلها تدهوراً سريعاً للمنطقة.

تدهور المراعي

إن الرعي كمصدر وحيد للدخل قد أُلغي لدى جزء كبير من الرعاة البجه في البطانة، خاصة منذ عام 1984، السنة الأكثر جفافاً في افريقيا. وبدأت فقط الآن فترة قاسية للتأقلم على حياة جديدة (العمل بأجر) وقد أدت إلى تدهور سريع في مستوى معيشة البجه.

وفي الوقت الراهن، فإن مصادر المراعي تستخدم من قبل قطعان بدو البطانة. ولكنها تستخدم أيضاً من قبل قطعان كبيرة تعود للتجار المزارعين الوافدين. وكذلك المراعي الزراعية والمستأجرين للمشاريع المروية ومن رفاعة شرق إلى الجنوب والرشايدة في الشرق. من غير الممكن تحسين البطانة بدون الإهتمام بالانتاج الحيواني في كل كسلا. إن البطانة هي أراضي بجاوية وبعد كل موسم أمطار فإن من تبقى من السكان الرعاة البجه يترك مع مراعي مدمرة ووصول قليل أو غالي إلى بقايا المحاصيل كعلف لحيواناته. إن الإجراءات التي يجب اتخاذها على المدى القصير هي تنظيم وإدارة استخدام المصادر (إعادة الإدارة القبلية وإعادة التوازن بين نقاط السقي والمراعي). ويجب أن تتعامل مع اجراءات الإصلاح بمسؤولية مع قدرة المراعي وتطوير الاقتصاد المحلي لبلوغ الإكتفاء الذاتي. إن ادخال المزارع المختلطة في المشاريع المروية الكبيرة يوفر أيضاً إمكانية أخرى لتخفيض ضغط الرعي الذي تسببه حيوانات مستأجري المشاريع الزراعية في مراعي البطانة.

أضرار المشاريع الزراعية

إن اتجاه المشاريع الزراعية الإنمائية في جملته يتسم بالمرارة مما وصل به في كثير من الأحيان للمواجهة المباشرة بين البجه أصحاب الأرض والسلطات الإدارية لهذه المشاريع. وواضح من هذا أن هنالك تضاربا في مفهوم استغلال الأرض بين التخطيط الاقتصادي الذي يراعي الظروف الاقتصادية للشماليين حكام السودان ويتجاهل حقوق البجه أصحاب الأرض الذين يتم طردهم من أرض أجدادهم كلما قام مشروع اقتصادي شمالي جديد.

الآثار الاجتماعية الضارة

وينتج عن إفتقار المشاريع المقامة إلى دراسات الجدوى الاجتماعية للمجموعات الرعوية، إذا افترضنا جدلا أن هدف هذه المشاريع كان اجتماعيا أصلاً، ولكن وبما أنه كان اقتصاديا فإن التناقض كان أكثر حدة حيث وجد الرحل في كثير من الأماكن ونتيجة للتخطيط المركزي للمشاريع في خطة التنمية، أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما الهجرة خارج حدود الأرض التي ارتبطوا بها تاريخيا واجتماعيا واقتصاديا، وأما الاستقرار الإضطراري أو التلقائي خارج أسوار هذه المشاريع ومحاولة التعامل مع أنماط حياتية جديدة، دون أدوات تحكم مسار هذا التعامل. وكانت نتيجة ذلك إما فشل هذه المشاريع، أو ضغط الرحل على مناطق رعوية أخرى، حيث تقل فيها كل يوم نسبة مقدرة الأرض بالنسبة للحيوان نتيجة للرعي الجائر مما أفنى البجه وحيواناتهم.

والرحل الذين يعيشون على هامش هذه المشاريع يقومون ببيع الألبان، ويمارسون أعمالا موسمية غير مستقرة محتفظين ببعض حيواناتهم التي لا يجدون لها مرعى. كما أدى قيام هذه المشاريع إلى ظهور رحل دون مجتمع رعوي، وهؤلاء فقدوا قاعدتهم الاقتصادية، نسبة لاقتطاع المراعي لصالح المشاريع الزراعية الآلية المطرية والمروية. حيث نفقت معظم الحيوانات التي يمتلكونها ولا زالوا يترددون في الأسواق على أطراف المدن كل يوم بأعداد كبيرة دون أعمال تستوعبهم. وهؤلاء تحت تأثير العامل النفسي أو ثقافة مجتمعهم الذي بدأت تحاصره عوامل التحديث كعوامل ضغط هائل وهم بحكم وضعهم رحل رغم أنفهم.

فشل الأهداف الاجتماعية

إن مشروع القاش مثال لما وصل إلىه البدو من تدهور وفقر. فالمشروع الذي كان من بين أهدافه تحقيق استقرار نسبي للرحل لم يحقق هذا الهدف. ففقد الرعاة أولا أراضي المرعى ثم حيواناتهم التي لم يجدوا لها مراعٍ بديلة وهم الآن يناضلون من أجل البقاء أحياء بعد أن فقدوا مقومات العيش.

أما مشروع خشم القربة الذي كان الهدف منه استقرار المهجرين من أهالي حلفا فيه، وانتزعت أراضيه من قبائل البجه فلقد فشل أيضا. ونتيجته بالنسبة للرحل لا تختلف كثيرا عن مشروع القاش حيث هجر الرعاة المزارع التي وزعت لهم لأسباب عديدة ليس أقلها بعدها عن مناطق سكنهم. بالإضافة إلى تحولهم المفاجيء من رعاة إلى مزارعين ومحاولة جمعهم بين الحيوانات ومزارعهم مما أدى إلى نفور وتضارب في الحياة الاجتماعية الجديدة.

أما مشروع توكر فهو المشروع الزراعي الوحيد في منطقة البحر الأحمر والمنتفع الوحيد منه هو حكومة الخرطوم الشمالية بما يدره لها من عملات أجنبية. ويعمل فيه عدد كبير من العمال الموسميين الذين لا تتوفر لهم أية ضمانات أو استقرار، ولايسمح فيه بزراعة الدخن أو الذرة الغذاء الرئيسي لسكان البلاد.

أما مشاريع الزراعة الآلية في جنوب البلاد، فهي مشاريع تجارية شمالية، الهدف منها الربح بإنتزاع أراضي الرعاة وإفقارهم. وتشرّد الرعاة بعد أن فقدوا أولا المرعى ثم الحيوانات.

الفقر في القضارف

جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 27/12/2002 ما يلي: أثبتت دراسات قامت بها جامعة الخرطوم بالتنسيق مع الولاية أن نسبة الفقر بلغت في الولاية 92%، في ولاية كانت من أغنى ولايات السودان، كما توصلت دراسات أجرتها منظمات دولية في المناطق الريفية مدعمة بالأرقام التي تؤكد أن أكثر الأعمار ليس في سن الإنتاج إضافة إلى أن أعداد النساء في عمر 20 ـ 39 عاماً أكثر من عدد الرجال، وأكثر من 50% منهن لم يتلقين تعليماً منتظماً، وعامة فإن 37% فقط تلقوا تعليماً أساسياً و8 و9% تلقوا تعليماً مستمراً و15% فقط لديهم كهرباء و38% لديهم أجهزة راديو، و10% لديهم أجهزة تلفزيون في منازلهم، وأغلبهم يستخدم المياه من الأنهار والحفائر والترع مباشرة و85% من المنازل من القش والحطب و57% يعانون من الملاريا  والأنيميا وفقر الدم وأمراض الكلى.

التصنيع الزراعي

من المؤثرات السلبية الأخرى، (16) الصناعة التي لا يتعدى عمرها في بلاد البجه عشرين عاما (1974)، حيث بدأت بمصنع الكرتون في أروما عام 1962م، هذا إذا استثنينا صناعة استخراج الملح التقليدية والصناعات المحلية المحدودة الأخرى.

أما بالنسبة لمصنع الكرتون في مدينة أروما، فلقد فقد المصنع مادته الخام وذلك لاستبدال القطن بالخروع. وحتى قبل ذلك فإن المصنع لم يكن يعمل بطاقته الكاملة ولم يكن هنالك انسجام بين عماله ومهندسيه وإدارته الفاشلة. وكثيرا ما توقف عن العمل.

أما مصنع البصل في مدينة كسلا فتشير إحصائية لعام 1970/1971م إلى أن الطن كان يكلف 600 جنيها بينما كان يباع في السوق بسعر 260 جنيها. وبصورة عامة نجد أن قطاع الصناعة نفسه كان يعاني من مشاكله الخاصة في الانتاج والتسويق وأكثر مما يعاني من الأيدي العاملة، وبالتالي كان استيعابه للقوى العاملة في بلاد البجه محدودا لأن الاستخدام كان يتم للوافدين ولم يحدث أي تأثير إيجابي للبجه.

علاقات الرعاة بغيرهم

إن الإضطراب الواضح في علاقات الانتاج القائمة بين القطاع الرعوي من جهة والقطاعين الزراعي والصناعي في بلاد البجه من جهة أخرى، أدى بالضرورة لشلل جزئي في انطلاقة التنمية وهزَّ من أسس المجتمع الرعوي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي، في ظروف طبيعية صعبة، كان من نتيجتها أن أصبحت الهجرة للمدن الكبرى أهم ما يشغل بال السلطات الىوم. إن التطور الذي كان يصحب قيام المشاريع الإنمائية من بدايتها، غلبت علىه الصفة التجارية، بدلا عن الصفة الاجتماعية أو الوطنية. وبالإضافة لهذا فهو يفتقر كغيره لشمول قطاع الرحل كقطاع مؤثر ولو سلبيا في مسار التنمية.

وإذا استمرت الصناعة في البلاد في الإعتماد على الآلة أكثر من الأيدي العاملة، فإن الصورة القديمة ستتكرر وبمستوى من التعقيد هذه المرة أكثر، لأن العاطلين الىوم من مرتادي المدن وليسوا في الريف أو بين فرقانهم، ولهذا جوانب اجتماعية خطيرة للغاية.

تضارب الرعي والزراعة

إن القطاع الزراعي الذي يتكون معظمه من المال الخاص وتتصف أهدافه بالصبغة التجارية والاقتصادية البحتة، وخاصة في جنوب البلاد فإن الرقعة التي يشغلها الآن ـ وقد كانت رعوية أصلا ـ والتوسع الذي يزداد يوما بعد يوم، يجب أن يراعى فيه حقيقة أنه على حساب الرقعة الرعوية في بقية البلاد، والتي تتعرض للرعي الجائر، والظروف الطبيعية الصعبة، مما يقتضي تنسيقا في التخطيط الزراعي أساسا ووجود المجموعات المترحلة جنبا إلى جنب مع تلك التي تستغل الأرض لضمان علاقات انتاج سليمة بدل التنافر الذي يحل دائما بمؤتمرات شكلية تعاد صياغتها كل عام.

لقد أدت السياسة الزراعية ذات الصبغة الاستغلالية إلى حدوث تدهور وإنعدام للمراعي وهذا أدى إلى تضاؤل مستمر في الثروة الحيوانية العماد الأساسي للسكان في بلاد البجه كما أدت زراعة المحاصيل النقدية وتجاهل زراعة المحاصيل الغذائية إلى حدوث مجاعات في البلاد فتكت بمئات الآلاف من الأنفس وهذه بعض التواريخ التي حدثت فيها مجاعات (1925 ـ 1927 ـ 1930 ـ 1941 ـ 1942م ـ 1955م ـ 1958م ـ 1970م ـ 1983م ـ 1984م ـ 1985م ـ 1996م ـ1997م).

ويتضح من هذه التواريخ أن المجاعات حدثت في أعوام متتابعة مما يدل على أن السلطات المتعاقبة لم تفعل شيئا لدرء شبح المجاعة ناسية أو متناسية مسئوليتها تجاه المواطنين، بل تذهب أيضاً للتبجح بعدم وجود مجاعات في البلاد.

إن معظم دول العالم إتجهت في الآونة الأخيرة إلى الإهتمام بالثروة الحيوانية، وبلاد البجه غنية بهذه الثروة وبمقدورها توفير اللحوم ليس داخليا فقط بل خارجيا أيضا، خاصة لدول البترول العربي. ولكن عدم الإهتمام بهذه الثروة والنقص المريع في المرعى وعدم توفر العلف الجيد للمواشى والأغنام وإحتكار بعض الأفراد لتجارتها والفساد الإدارى المتفشي في الأجهزة التي لها علاقة بهذه التجارة جعل تصدير الحيوانات عملا خاسرا.

أضرار التطور على الرعي

   إن تاريخ التطور الرعوي في بلاد البجه لا يمكن أن يكون محض حصيلة لإحدى نتائج السياسات العامة، سواء كانت النتائج مستهدفة أم لا. وبالتالي سوف ننتهج الوجهة الخاطئة، إذا نظرنا إلى الرعاة البجه بوصفهم مجتمعات منعزلة، وليس ضحايا للسياسات العامة ويمثلون "الماضي" وينسحبون من المجال العام.

والأصح أن نراهم في صورة ديناميكية، يتابعون مصالحهم، ويساهمون في الحياة العامة عندما يتوقعون منها فائدة، وينسحبون منها عندما يشعرون بالمخاطر تحدق بهم نتيجة لمشروعات التطور التي لا تضع في حسبانها عوامل بقائهم.

وحتى تكون الثروة الحيوانية ذات فائدة اقتصادية للبلاد لا بد من أن يتم التخطيط لها تخطيطا علميا صحيحا وأن تشرف علىها مؤسسة عامة أو تعاونية أو حتى شركة مساهمة يساهم فيها المواطنون. وأول عمل لها يكون إقامة مصنع للأعلاف في مدينة بورتسودان يستفاد فيه من مخلفات المحاصيل مثل بذرة القطن وقشر الفول والقصب والمحار وغيرها.

وحتى يتسنى إيجاد مراع غنية تقام السدود في الأودية لزراعة نبات المرعى المحسن بطريق نثر المياه. كذلك يجب المساهمة في محاربة الزحف الصحراوي الذي أضر بالمراعي والحيوانات وذلك عن طريق زراعة نباتات المراعي وأشجار الغابات التي تتحمل العوامل المناخية في البلاد.

أثرياء الرعي

هناك تفاوت مضطرد داخل الاقتصاد الرعوي، حيث تستطيع المجموعات الثرية من الرعاة استخدام ثروتها للتعامل مع البيئة الطبيعية المتغيرة وفترات الجفاف المتعاقبة والمراعي المتدهورة، فهم يحفرون آبارهم وحفائرهم الخاصة بهم أو يشحنون المياه إلى قطعانهم، فيفتحون بذلك المراعي التي كان يمكن استخدامها فقط أثناء موسم الأمطار، كذلك يستثمرون في الزراعة الآلية لزراعة علف لحيواناتهم. أو يشترون من التجار أصحاب المشاريع حقوق الرعي في هذه المشاريع. ومثل هذه الاستراتيجيات تمكنهم من امتلاك قطعان كبيرة يرعاها غالبا أناس مأجورون من مجموعة الرعاة البجه الفقراء أو من البجه الذين خسروا في هذه المنافسة، حيث يشتري أثرياء الرعي في موسم الجفاف الحيوانات بأرخص الأسعار من الرعاة البجه الفقراء.

استغلال الرعاة

إن الحكومة لا توفر جهداً لتهميش الرعاة البجه. فهي تطرح افتراضات تنظيمية بيروقراطية ظالمة بين كبار المانحين مثل البنك الدولي. فتركيزها هو على Xالحلول الفنيةZ بهدف التأثير على الاقتصاد العام والأطر السياسية العامة التي تخدم مصالح الشماليين، من منطلق أن الرعاة يسهمون بالقليل في الاقتصاد الوطني، لذا فإدارة المراعي غير منطقية ومدمرة للبيئة، وتأتي الحلول الفنية في شكل مزارع تربية الحيوانات ومشروعات الرعي.. لتحسين مثل هذه الإدارة. وتتبع هذه الافتراضات الجائرة استراتيجيات تهدف إلى زيادة حجم الثروة الحيوانية في الأسواق الرسميه والدافع لهذا من كل الحكومات هو تسجيل مكاسب سياسية واقتصادية للشماليين على حساب إفقار الرعاة البجه، بتوفير لحوم منخفضة الأسعار لسكان العاصمة والمدن الكبرى الذين يضغطون على الحكومات الشمالية، وكذلك للحصول على العملات الأجنبية التي تذهب لجيوب الحكام الشماليين.

الترحال التقليدي

لا يزال الرعاة الرحل يمارسون الطريقة التقليدية للعيش، التي تعتمد بصورة أساسية تقريباً على انتاج وتسويق الماشية. ومعظم الوقت نراهم يبحثون عن مراعي جيدة لحيواناتهم ومياه لسقيها. وقمه استثمارهم هي الجمال والماشية، والضأن والماعز التي تزودهم بالنقود. وفي السنوات الأخيرة، فإن الجزء التسويقي من استراتيجيتهم قد أصبح أهم، وجعل بعضهم يستمرون في الرعي الرحال بأعداد متناقصه من الحيوانات.

إن هذا النوع من العيش بدأ ينحسر نتيجة لفقد الحيوانات في سنوات الجفاف، وقد حدث هذا أساساً بسبب نقص المراعي لمصلحة المشاريع الزراعية ونتيجة لإغراءات المدن ومزايا الاستقرار بصورة عامة.قبل صدور قانون الأراضي غير المسجلة لعام 1971، كانت توجد سيطرة على الأراضي وكانت فعالة. وكان يمكن إدارة المراعي، ويمكن وقف الرعي الجائر. وبعد عام 1971 ومع صيرورة أراضي المراعي مصادراً مشاعة، فإن الرحل عليهم أن يتنافسوا مع أشخاص آخرين حول المراعي، مما أدى لضغط شديد على المصادر ففقد الرعاة الرحل حوافز إدارتها.

الرعاة الرحل والاستقرار

يعيش الرحل في قرى، بينما لا يزال الرعاة يترحلون بصحبة قطعانهم. وبالرغم من هذا فإن عدداً كبيراً منهم فقدوا حيواناتهم نتيجة الجفاف وقلة المراعي. ولأن المواشي هي استثمارهم الأساسي فإنهم يبذلون جهوداً كبيرة لاستعادة امتلاك الحيوانات وذلك بالعمل المؤقت وما شابه ذلك.

إن الإلتصاق بأراضي المراعي ليس قوياً كما كان في الماضي بعد أن انخفضت قيمتها كثيراً وأصبحت حقاً مشاعاً. وانعدمت حوافز إدارة مصادر المراعي. لقد تم تحفيزهم بشدة لدخول المجال الزراعي ولكنهم لا يزالوا غير مقتنعين بالاستثمار في هذا المجال.

الزراعة/ الرعوية التقليدية

يعتمد أسلوب الحياة هذا على الزراعة التقليدية وتربية الحيوانات، وهو إلى حد ما أسلوب للإعاشة فقط. ووفقاً لعدد الحيوانات التي يمتلكها الراعي، يزيد أو يقلل حجم وفترة عمله كعامل في المشاريع الزراعية التجارية أو القطاع الخاص ويعيش الرعاة في قرى يتم اختيار مواقعها بعناية. ولا يهم كم عمر القرية مقارنة مع قوة الإلتصاق بالأرض، ونفس الشيء بالنسبة لقوة الإبتكار في إدارة وتحسين الأرض المزروعة. ونسبة لتناقص الأراضي المتوفرة للرعي أو الزراعة، فإن نزاعات استخدام الأرض تتزايد بين الرعاة ومزارعي المشاريع الآلية. ونتيجة لهذا فإن العمل بأجر يوفر جزءاً متزايداً من الدخل.

مستقبل الرعاة البجه

بتلخيص وضع الرعاة يمكن أن نخلص بسهولة إلى القنوط. فليس هناك أمل كبير في الوضع في بلاد البجه، في عملية تسهّل التنمية. وليست هناك طرق أقصر إلى التنمية، وتبدو النماذج البسيطة القائمة على Xالمشاركة الشعبيةZ أبعد حلول المشكلات وكذلك القسر والاستغلال والتجاهل الحكومي.

لكن الأهالي البجه هم في قلب المشكلات. وهم ضحايا العمليات والصراعات الكبيرة التي تم تهميشهم وتجاهلهم من خلالها. لكنهم موجودون هناك! ويمثلون مورداً أساسياً في أي جهد للتغلب على المشكلات. Xوتخطيطهم التنمويZ الأهلي المتجسد في تنظيمهم الاجتماعي يجب أن يفسح له المجال، ويجب الاستفادة من تنظيمهم الاجتماعي الثقافي، الذي يمثل خبرة آلاف السنين، ليس لأنه يمثل نظاماً للإدارة يتسم بالكمال، وانما كنقطة انطلاق. إن للبجه جدول أعمال أوسع لا يتفق على وجه الخصوص مع تلك المجموعات الشمالية ذات النفوذ من رسميين ومستثمرين وغيرهم ولا مع مخططي التنمية التي تتجاهل رفاهيتهم.

إن مشاركة الرعاة هذه تبدو شيئاً واضحاً يمكن الدفاع عنه، لكن بالقاء نظرة داخل المشروعات التي في بلاد البجه والادارات والهياكل الحكومية الأخرى فليس هناك دليل واحد لمشاركتهم ويمكن التصدي لمأزق جماعات الرعاة البجه بالأعمال المشتركه بين الحكومة والمانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية والرعاة على السواء. وإذا كان للعمل المشترك أن يتحقق فسيكون فقط على أساس جدول أعمال مشترك يتفق فيه الكل على أن الرعي مجد اقتصادياً ومستدام وأسلوب للعيش يستحق العناء.

البدو والتعليم

تقدم ولاية القضارف نموذجاً حياً للمجتمع البدوي الذي ظل يقدم على مدى تاريخ البلاد إنتاجاً حيوانياً وفيراً تساعد في ازدهاره تربتها الصالحة الخصبة وموقعها الجغرافي المميز من حيث وفرة موارد المياه السطحية والجوفية، ووجود ثروة حيوانية تقدر بأكثر من 5 ملايين رأس ترعى في مراع طبيعية بالإضافة إلى مخلفات المشاريع الزراعية التي تصل إلى 6 ملايين فدان.

ويقوم بدو ولاية القضارف من قبائل أصلية ومستوطنة بثلاث رحلات قديمة  بحثاً عن الكلأ والماء طوال العام مما خلف مجتمعاً رعوياً يتبع نمط حياة غير مستقر مما حرم أبناءهم من التعليم وتوفر الخدمات الأساسية من صحة وعلاج وتثقيف وغيره.

يبلغ عدد سكان ولاية القضارف مليون ونصف المليون نسمة، ويشكل البدو نسبة 12% من سكان الولاية إذ يبلغ عددهم 177830 نسمة بينهم 31159 طفلاً وطفلة في الفئة العمرية 7 ـ 9 في سن التعليم، خارج المؤسسات التعليمية، وتشكل هذه الفئة نسبة 17% من جملة الرحل في الولاية.

وأكدت مسوحات عدة على أماكن الرحل، عدم وجود مؤسسات تعليمية (خلاوى محو أمية مدارس) فضلاً عن تفشي الجهل والأمية بصورة واضحة، إضافة إلى محدودية الوعي العام لعدم وجود أجهزة ثقافة جماهيرية وخلو مناطق الرحل من الوجود الإداري مما تعتبر من العادات السالبة التي تسببت في عدم اتجاههم للتعليم بالمدارس والمساجد والخلاوى.

أبناء الرعاةأ

وتقول دراسة حكومية حديثة أن العمالة المبكرة لأبناء الرحل تحدث في مرحلة عمرية مبكرة ونزولهم إلى المرعي لمعرفة مهارات الرعي المتعلقة بالإبل والماشية والأغنام وكذلك المتعلقة بأنواع الأعشاب وأماكنها ومعرفة مناهل المياه ويوم الضمي (يوم سقاية الماشية)، وكذلك البنات حيث يتجهن في سن مبكرة للأعمال المنزلية، وجلب حطب الوقود والمياه من الحفائر والآبار والحياكة، كل هذه النشاطات تحرم أولادهم من التعليم.

استغلال رخص الرعاة

وتشير الدراسة إلى أنه لدى الرحل قناعة تامة بأن الدراسة في المدارس تصبغهم بصبغة الدعة والنعومة التي لا يحبونها لأولادهم (واجب الحكومة هو توعيتهم للتخلي عن هذه المفاهيم المتخلفة) فالرحل يعلمون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم الخشونة والقوة والفروسية وفنون القتال وذلك حفاظاً على قوة ومنعة القبيلة وحماية ممتلكاتها، وتعتبر الدراسة أن لأبناء الرحل صفات جميلة ومتميزة تسهل أمر تعليمهم، منها سرعة البديهة والذكاء الفطري، إضافة إلى تمتعهم بالشجاعة واللياقة البدنية العالية، وروح تحمل المسؤولية والترابط الأسري والقبلي (هذه مفاهيم عفى عليها الزمن ولكنها مسوغات للحكومات لعدم تقديم التعليم والخدمات للرعاة)، ولدى الكثيرين (من المستفيدين من استغلال الرعاة من موظفي الحكومة وتجار الصادر) خوف من أن يؤدي تعليم الرحل إلى استقرارهم، إذ أن الرعي في (السودان) هو ثروة قومية في حد ذاتها ونمطه الحالي هو الأرخص من نوعه في العالم من حيث استغلالها لموارد المياه والمراعي الطبيعية واستغلال أراضي هامشية لا يمكن استغلالها لغير الرعي، فاستقرار الرحل في هذه المرحلة من تطور (السودان) الاقتصادي والاجتماعي قد يؤدي إلى فقدان هذه الثروة.

معوقات تواجه الرحل

تشكل المياه عائقاً أساسياً أمام توفير الخدمات الصحية والاجتماعية والبيئية المناسبة للتعليم. وعن الحلول الحكومية المقترحة لحل هذه المشكلة الخطيرة بالمناطق الرعوية، يقول مسؤول بهيئة مياه القضارف إن توفير المياه الصالحة والكافية في المكان المناسب للقطاع الرعوي التقليدي يساعد في رفع مستوى معيشة الرعاة وتنمية الثروة الحيوانية بالولاية، ولا يمكن أن يتم توفير هذه المياه إلا عبر وضع برنامج سنوي وتوفير التمويل اللآزم على أن تشترك الجهات المختصة والمهتمة بالرحل للنهوض بهم وتحسين مستوى معيشة هذا القطاع وتنمية ثرواته، حيث أن مناطق توفر المياه ما زالت هي أنسب الأماكن لتطبيق التجربة الوليدة لتعليم الرحل في الولاية.

هناك عدة حلول مقترحة لمعالجة النقص في مياه القطاع الرعوي، والذي يمكن معالجته عن طريق حفر الآبار والحفائر لمدة خمسة أعوام على أن يحفر كل عام (40) حفيراً و(15) بئراً جوفية بتكلفة قدرها (270) مليون دينار للحفائر و225 مليون دينار للآبار الجوفية على أن يكون توزيعها بحيث يتم حفر (3) حفائر في كل مسار وتكون هناك مسافة (15) كيلو متراً من الحفير. وعلى الجانب الآخر تبلغ احتياجات الماشية للمياه في ولاية القضارف (000،520،17) متر مكعب في العام، المتوفر منها في الوقت الحاضر حوالى (000،000،8) متر مكعب في العام الحالي بعجز حوالى (000،520،9) متر مكعب في العام

تـوطيـن الـبــدو

التوطين مفهوم من مفاهيم تنمية المجتمع وهو في الغالب عملية أو عمليات اجتماعية تهدف إلى تقوية الأواصر التي تجعل الأفراد أكثر فعالىة في العيش والتحكم في مواردهم المحلية في عالم يستهدف التغيير، كما أنها عمليات تخطيط لمساعدة الأفراد في اكتساب الطبائع والمهارات الضرورية للمشاركة الديمقراطية الفعّالة في إيجاد الحلول لأكبر عدد ممكن من الصعاب التي يواجهها المجتمع المحلي. والتوطين وما يصحبه من عمليات اقتصادية واجتماعية يعتبر عملية أساسية في التغيير الاجتماعى الذي لا يمكن أن يكون مجرد إضافة ميكانيكية، أو اقتصاد بسيط أو تعويض مطلق لبعض الأنماط والسمات الحضارية، وإنما هي إضافة وتعويض أو تهجين وتوليد بين سمات وأنماط حضارية مختلفة.

ولا بد أن ينتهي التحول الاجتماعي في البيئة المراد تحضيرها لأن يحدث فيها من خلال التطبيق العلمي والحقلي التنوع بمعنى تأثيرات اجتماعية متنوعة مختلفة الميادين. والتتابع وهو مدى فعّالىة وسائل التكنولوجيا الحديثة في سلوك الناس سلبا أو ايجابا، والاستقطاب كنشوء الضواحي السكنية على حواف المدن الحديثة ولقفل باب التوطين الذي قامت به السلطات في بلاد البجه، وبالرغم من أنه كان محدودا وباء بالفشل، إذ لا يخفى أن التوطين في أي شكل من أشكاله، لا بد أن يسبقه التطبيق الأساسي لقواعد المسح الاجتماعي من معرفة وثيقة بتكوين الجماعات في المجتمع والوظائف التي تؤديها، ومدى ارتباط كل منها بالأخرى لدرجة مرونة التنظيمات الاجتماعية بقصد الوصول إلى أفضل الطرق لتغييرها وتحديد أهداف السلوك العامة على أساس معرفة وثيقة بالمباديء النفسية التي تؤدي إلى تكامل الجماعة وتفككها ومعرفة طرق التنسيق بين القوى الاجتماعية المختلفة التي تعمل في الموقف الاجتماعي المطلوب توجيهه توجيها خاصا، وتوجيه أكثر الإهتمام للتنظيمات الاجتماعية التي تستغرق أكثر حياة الأفراد وتنظيم أكثر أنواع سلوكهم وتمر العملية بمراحل أساسية هي التعديل والتلاؤم، والتكامل، والتمثيل الكامل.

ومن المهم أن تكون إدارة توطين الرحل إدارة ميدانية حقلية وليست ديوانية. وأن يلحق بها فريق من المساحين الاجتماعيين للقيام بالمسوح الاجتماعية لكل قبائل البجه ذات العادات والتقالىد المتأصلة والتراث المرتبط بالأرض.

وقد ينجم عن الطفرة الفجائية أن تجابهه معوقات اجتماعية تربكه، تتمثل في التقالىد والنظم والعلاقات الاجتماعية. وتضم التعامل الاقتصادي كما تتمثل في عدم الخبرة وانعدام المهارة، مما ينتج عنه سلبيات اجتماعية، قد يصل بعضها إلى طور الخطورة. وهنا يبرز دور الرعاية الاجتماعية على مستوى الوقاية السابقة، ثم العلاج للمشاكل الناجمة، ثم تنمية قدرات المجتمع والناس ومنحهم القدرة على الاستفادة من التحولات الاقتصادية الجارية.

وفي عام 1968م وضعت شركة الكسندر جب وشركاه البريطانية خطة لتعمير وتطوير بلاد البجه بعد أن قامت بمسح شامل للبلاد. ويصب التقرير إهتمامه الكلي في حصر الموارد الاقتصادية مع تجاهله التام للتنمية الاجتماعية والعمرانية وتعتبر هذه الدراسة الوحيدة لموارد بلاد البجه.

استقرار الرحل، حالة الرشايدة

قبيلة الرشايدة، هي مجموعة منعزلة داخل المجموعة البجاويه ولها أصول عربية فقد هاجرت إلى السودان عام 1869م من المملكة العربية السعودية. وتجعلهم ثقافتهم مثالاً فريداً للبدو العرب الكلاسيكيين، الذين يربون الإبل بتميز.

ويمثل الرشايدة أسرع حالة تطور للتغير من البداوة إلى الاستقرار. وفي نفس الوقت لهذه العملية بعض الخصائص الفريدة. لماذا استقروا في فترة قصيرة هكذا? ولماذا يحتفظون بالحيوانات حتى الآن? بينما عملية استقرارهم العادية قد فرضت عليهم بفقدان حيواناتهم، أو على الأقل تتزامن مع التخلي عن تربية الحيوانات?

الصورة: صورة خيمة الرشايدة والسيارة البوكس