التنمية الاجتماعية والثقافية

التنمية مفهوم شامل له قطبه الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، ومحط رحاله خلق الحضارة الجديرة بالإنسان (من دراسة للأستاذ محمد الأمين حمد في ديسمبر 1992). فالإنسان هدف التنمية وغايتها ووسيلتها. والتنمية الاقتصادية ضرورية لتحقيق التنمية البشرية، لأنها توفر الاعتمادات اللآزمة، وكذلك التنمية البشرية ضرورية جداً لتحقيق النمو الاقتصادي. فالإرتقاء بالتعليم ومحو أمية القوى العاملة وتطور الخدمات الصحية والاجتماعية من العوامل الأساسية لزيادة النمو الاقتصادي.

ويقول الدكتور فؤاد حيدر Xإن التنمية الاجتماعية تهدف إلى تدعيم القدرة الذاتية للمجتمع، وتحقيق الأهداف المحلية بالطرق المنهجية العلمية التي يستخدمها أخصائيون مدربون تكفل مشاركة غالبية الناس، بموارده البشرية والمادية، في تخطيط برامج التنمية وتنفيذها استجابة للإحتياجات المحلية من ناحية، ومساهمة في تحقيق الأهداف القومية من ناحية أخرىZ.

أصدر المركز القومي للاحصاء بمعاونة صندوق الأمم المتحدة للسكان تقريره السنوي عن السكان في (السودان) للعام 2000، وأوضح التقرير أن أقل ولايات السودان من حيث معدل النمو السكاني هي ولاية البحر الأحمر إذ بلغ معدل النمو السنوي بها 25،0%.

يجب أن تهدف التنمية الاجتماعية إلى ضمان توفير الضروريات المعيشية والصحية والتعليمية للأفراد البجه. والسعي لتحقيق مشاركتهم الفاعلة في مختلف الأجهزة الرسمية والشعبية. كذلك تعمل على استغلال طاقاتهم في الداخل والخارج لتحقيق التكافل الاجتماعي والاقتصادي والتراحم والتعاون. كذلك تقوم بإمداد أفراد البجه بالقيم السامية، وأسباب الراحة النفسية، والفاعلية الاجتماعية، وتنمية ملكاتهم وقدراتهم لتحقيق رفاهيتهم.

والحديث عن التنمية البشرية في بلاد البجه، التي تعتبر من أكثر مناطق (السودان) تخلفاً، يجعلنا نستعرض واقع الإنسان البجاوي والأسباب والظروف التي تكبل خطوه.

فتاريخياً، كان لإنسان هذه المنطقة دور مشهود في حركات التحرر القديمة والحديثة. ففي الماضي وبقيادة الأمير عثمان دقنة هزم بريطانيا وحطم أسطورة المربع البريطاني، وحديثاً كان البجاوي هو الوحيد الذي قاوم بدماء الشهداء الجمعية التشريعية البريطانية. وكان انتقام المستعمر البريطاني من البجه هو حجب أسباب التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية عنهم. وسارت الأنظمة التي تسمى نفسها وطنية، في نفس خطى البريطانيين لأنها ربيبتهم، كما أنها تريد استغلال تخلف البجه لتنهب أرضهم وثرواتهم. فكان من الطبيعي أن يتفاقم التخلف بفرز نتائج مدمرة ومؤلمة. وهكذا استمرت المجاعات تتفجر باستمرار منذ أواسط الأربعينات، وأخذت تحصد الغطاء البشري عبر موجاتها المتكررة .. وكان انتشار أمراض سوء التغذية وتوابعها من العمى الليلي وفقر الدم وانتشار السل الرئوي. وكان لغول التصحر والجفاف، وفي غياب اهتمام السلطات، الذي فغر فاهه ليلتهم الأخضر واليابس، دور كبير. ونفقت الحيوانات التي يعتمد عليها البجه في غذائهم، وأدى هذا إلى  الهجرة الجماعية الرهيبة من الريف إلى أطراف المدن الرئيسية، بورتسودان وكسلا والقضارف وحلفا وخشم القربة وتوكر وسنكات وهيا ودورديب، وعلى طريق بورتسودان الخرطوم هروباً من جحافل الموت .. مكونين بذلك أحياء شعبية عشوائية تطوق المدن وتنعدم فيها أبسط الخدمات الأساسية مما نشر الأمراض والتشرد والبطالة وكل أمراض المجتمعات المتخلفة.

وعلى مستوى الريف اتسعت رقعة التشتت السكاني مؤدية إلى صعوبة تقديم الخدمات الأساسية من تعليم وصحة إضافة إلى ضعف البنيات الأساسية من طرق ومشروعات اقتصادية وخدمية أصلاً. كذلك فإن تمركز البنيات في المدن الكبرى أدى إلى تمركز قيادات التنمية فيها وعدم رغبتها في مفارقة المدن والوصول إلى مناطق الريف، أضف إلى ذلك ضعف وسائل الترحيل في مناطق تتسم بمساحاتها الشاسعة. علاوة على ذلك فإن مناطق الريف تفتقر إلى قيادات التنمية المحلية. أدى كل هذا الواقع إلى ضعف بنية الخدمات الأساسية والإحصاءات تؤكد هذا، وبالرغم من أنها مثال فقط إلا أن ما خفي أعظم.

فلا توجد مراكز لتنمية المجتمع وتعليم الكبار، فالأمية بين الكبار تبلغ نسبتها 100% بين النساء و99% بين الرجال. وتقل مدارس البنات كثيراً عن مدارس البنين. وتنتشر ظواهر العزوف عن التعليم. إن كثير من المدارس كما هو واضح لا يتقدم منها أي تلميذ أو تلميذة إلى المرحلة االثانوية ولعدة سنوات. كما أن التعليم الفني والثانوي متمركز في المدن الكبرى لكي يستفيد منه غير البجه سكان الأرياف. أما الخدمات الصحية، فهي نادرة كما يتضح من الأمثلة أدناه (1993م):

محافظة سنكات ــ 3 مستشفيات ــ 6 شفخانات ــ 1 نقطة غيار ــ 94 وحدة صحية أولية ــ 1 مركز رعاية أمومة وطفولة ــ 1 مركز صحي. وفي محافظة حلايب ــ 1 مستشفى ــ 3 شفخانات ــ 2 نقطة غيار ــ 30 وحدة صحية أولية ــ لا يوجد مركز رعاية أمومة وطفولة ــ لا يوجد مركز صحي. وفي مجلس ريفي بورتسودان (99% من مساحة محافظة البحر الأحمر) ــ لا توجد مستشفيات ــ 5 شفخانات ــ 2 نقطة غيار 34 وحدة صحية أولية ــ لا يوجد مركز رعاية أمومة وطفولة ــ لا يوجد مركز صحي. وفي مدينتي بورتسودان وسواكن ــ 2 مستشفى ــ 14 شفخانة ــ 18 نقطة غيار ــ 4 وحدات صحية أولية ــ 6 مراكز رعاية أمومة وطفولة ــ 6 مراكز صحية. وفي محافظة توكر ــ 1 مستشفى ــ 9 شفخانات ــ 2 نقطة غيار ــ 74 وحدة صحية أولية ــ 1 مركز رعاية أمومة وطفولة ــ لا يوجد مركز صحي.

توجد في ولاية البحر الأحمر ثلاث أندية اجتماعية لكل عشرة آلاف مواطن ومركزين للشباب لكل مائة ألف مواطن، ومسرح واحد لكل مائة ألف مواطن، وحوالى ناديين رياضيين لكل عشرة آلاف مواطن. وهذه مؤشرات لضعف التنمية الثقافية والاجتماعية خاصة إذا ما قورنت بالولايات الأخرى.  وهذا كله يقودنا إلى حقيقة أن حجم الخدمات الصحية مع مقارنتها بالرقعة الجغرافية التي تشملها هذه المحافظات والتشتت السكاني فيها، فإن ما يقدم يعتبر هامشياً وغير كافٍ. وإذا كان هذا حال الخدمات التعليمية والصحية، فإن خدمات الرعاية الاجتماعية والشباب والرياضة والشؤون الدينية معدومة في الريف، حيث تتمركز مكاتبها وكوادرها في مدن بورتسودان وكسلا والقضارف دون أن تمد خدماتها إلى الريف الذي في أمس الحاجة إليها. يضاف إلى ذلك ضعف الاعتمادات المالية المتاحة وضعف وسائل النقل واتساع الرقعة الجغرافية وندرة الكوادر المحلية في هذه المحافظات. وخلاصة القول أن التنمية البشرية في بلاد البجه ككل نادرة وغير قادرة على تحقيق الغايات والأهداف المرجوة لأسباب تاريخية وجغرافية وضعف البنية الأساسية واهمال الأنظمة الشمالية التي حكمت (السودان). أما بالنسبة للتنمية الاقتصادية في كل بلاد البجه، رغم وفرة الموارد الطبيعية والاستراتيجية، فلا توجد، وما يوجد منها لا يهتم بالتنمية الاجتماعية ويكون هدفه تجاري بحت، وأدى هذا إلي تفشي البطالة والفقر المدقع بين البجه أصحاب الأرض.

ولعل مشروع تعدين الذهب في أرياب يجسد نموذجاً للاستغلال، الصفة العامة لكل المشاريع الحكومية والخاصة الأخرى هنا. فإن هذا المشروع يقع في قلب الريف، ورغم النجاح الكبير الذي حققه في كمية الذهب المنتج، إلا أن محصلة النتيجة التنموية سلبية. فقد بلغت كمية الذهب المنتج لهذا العام 1993م ألف كلغم أي ما يقارب مليار جنيه، (بلغ إنتاج 2000م ما يقارب 10 أطنان، وهذا المعلن فقط، وبالتأكيد هناك كميات لا تعلن ينهبها سدنة الحكم) فما هو دورها في التنمية الاقتصادية وما هو دورها في زيادة دخل الفرد ورفاهيته هناك في أرياب? لا شيء، لأن معظم العمالة وافدة. وما هو الأثر على التنمية البشرية وخدمات التعليم والصحة والمياه والطرق وإنشاء القرى النموذجية! ونقول مرة أخرى لا شيء، بل إن تعدين الذهب في أرياب جلب مصائب لسكان المنطقة. فقد أزعجت التفجيرات المستمرة راحة الحيوانات، وقضت الآليات في سيرها على المدرجات التي كانوا يزرعونها. والخلاصة هي أن المحصلة سلبية ــ مثل كل بقية المشاريع الأخرى الخاصة والعامة التي شيدت في بلاد البجه،لأن المشروع أساساً لم يكن بين أهدافه إنسان المنطقة والمساهمة في تغيير واقعه الاقتصادي والصحي والاجتماعي والثقافي، بل هدفه نهب ثروات البجه. 

وقد اعتمد مجلس إدارة أرياب في اجتماعه الأخير في باريس (1998م) مبلغ 200 ألف دولار سنوياً لصالح التنمية بمحافظتي البحر الأحمر وسنكات. فهل يكفي هذا المخاطر التي يتعرض لها الناس والحيوانات والزراعة والتربة من جراء ضوضاء التفجيرات والإضرار بالبيئة باستخدام المواد السّامة في استخراج الذهب، التي حذر منها الخبراء، ناهيك عن حقهم الشرعي في هذا الذهب.

ويضع الأستاذ محمد الأمين حمد بعض المقترحات التي يمكن أن تساهم في دفع عجلة التنمية الاجتماعية، هذا إذا قدر لها أن تتحق إذ أن الحل الجذري والوحيد لمشاكل البجه هو الاستقلال التام، ونورد هنا تلخيصاً لبعض المقترحات.

اعتبار بعض محافظات البجه مناطق شدة. رصد ميزانية مركزية استثنائية تعيد التوازن التنموي في هذه المنطقة وتضع الأساس للتنمية الشاملة. تخصيص نسبة 50% من دخل المؤسسات والمشروعات الاتحادية، كالموانيء والجمارك وذهب أرياب وغيرها. يراعى في كل المشروعات الاقتصادية المستقبلية الخاصة والعامة أن يكون مركز اهتمامها الإنسان، لتصبح التنمية نسيجاً يلتف بالناس بدلاً عن أن يلتف الناس حوله. دعم وتوسيع التجارب التي أثبتت نجاحها في المنطقة، مثل التوسع في تجربة الشيخ علي بيتاي في تعليم القرآن الكريم عبر الخلاوى كتجربة رائدة لنشر التعاليم الإسلامية بيسر، ومحو الأمية في زمن قياسي بين الأطفال والنساء والرجال. التوسع في مشاريع المدرسة المنتجة بكل أنماطها التي تشكل حسب الموارد المتاحة في بيئة المدرسة. وذلك لتأصيل التعليم وربط الصغار بالأرض والتراث. وقد بديء في تطبيق هذه التجربة بنجاح في الولاية الشرقية منذ عام 1982م. تعميم معسكرات الشباب للإنتاج الزراعي ومعسكرات الشتول المتنقلة ومعسكرات الشباب الخدمية في كل محافظات البجه بالتعاون مع جهات الاختصاص. وقد كانت تجربتها ناجحة، حيث نشأت بتطبيقها في قلب الريف قرى نموذجية متكاملة الخدمات في آمور وكلكوي ومستهليل وإدباي وتمالح وكداويب وأودروس ودورديب وإربا ودوليبياي بتوكر. وقد كانت أكبر القرى في مجالس مناطقها، وعبرها تمت نقلة حضارية ربطت المواطن الريفي بالأرض وزراعة الخضروات والفواكه التي لم يرها إلا في مدينة بورتسودان. ومما يجدر بالذكر حقيقة أنه لم يمت في هذه المناطق أي مواطن عندما تفجرت المجاعة عام 1984م، بل صارت هذه القرى مناطق جذب تجمع حولها النازحون من الريف المجدب. تعميم الوحدات الصحية في الريف وتوفير الاعتمادات وفتح آفاق التدريب والترقي للمعاون الصحي. تخطيط الأحياء الشعبية العشوائية التي تحيط بالمدن الرئيسية، وتوجيه برامج تنموية مكثفة تأخذ بيدهم.

دور الصناديق والمنظمات الطوعية

يتميز المال عند الصناديق المتخصصة، مثل الزكاة والتكافل والتأمينات الاجتماعية، والمنظمات الطوعية المحلية والعالمية (الأستاذ عثمان فقراي المحامي، دراسة 1993م) بأنه يعمل بمبدأ الإيثار والتطوع، مما يجعلنا نعول عليه كثيراً في تنمية المجتمع. ولوضع حلول جذرية لمشاكل الفقر، فإنه من الأجدى منح الفقراء والمساكين وسائل إنتاج تدر عليهم دخلاً بدلاً عن الإعانة الوقتية. وتشكل بعض مشاريع ديوان الزكاة أمثلة ناجحة لهذا المبدأ. ويمكن للصناديق المتخصصة الأخرى والمنظمات الطوعية الاقتداء بها في مجالات الزراعة والدواجن وصيد الأسماك وغيرها. إن رفعنا لشعار الاعتماد على الذات يتبعه مطالبة هذه المؤسسات بتوفير وسائل الإنتاج ودعم تنفيذ المشروعات المدروسة في هذه المجالات لتنمية هذه المنطقة.

في منتصف العام 2000م اجتمعت حكومة ولاية كسلا مع منظمة بلان سودان للتخطيط للميزانية المصدقة للتنمية الاجتماعية البالغة (494) مليون دينار منها (400) مليون مكون أجنبي والباقي محلي. إننا نقدم هنا ملخصاً لمصرف الفقراء غارمين (طرق القرية)، الذي أنشأه في بنغلاديش الاقتصادي محمد يونس. وتقوم فكرة المصرف على اقراض الأموال ضمن حصص صغيرة للفقراء لا سيما النساء الفقيرات في الريف من أجل القيام بأعمال يدوية تخرج العائلات من الفقر الذي تعيش فيه. وتمنح القروض الصغيرة لمدد معينة وتقدم ضمن حصص أسبوعية أو شهرية للفقراء الذين يردونها إلى المصرف بناء على نظام حصص يومية. ونظم المصرف عمليات الدفع بناء على قاعدة الحصص الصغيرة التي يستطيع المقترض ردها بسهولة. وفي هذا تغلب على الانفصال الجسدي بين المقترض والمبلغ المالي. وهذه الطريقة سهلت عملية السداد على المقترض وعلى عمليات الرقابة المالية، لأنه كان بمقدور المصرف التعرف على الأشخاص الذين دفعوا حصصهم المقترضة والأشخاص الذين تخلفوا عن رد حصصهم. ويبدأ المقترض السداد بعد أسبوع من إقتراضه. ونسبة الفائدة تبلغ 20% وهي ضئيلة نسبياً.

وبالرغم من أن المصرف بدأ بإقراض 17 جنيهاً استرلينياً وتطور بشكل تدريجي وبطيء شابته الأخطاء، إلا أنه يمتلك الآن رأسمال قدره 5،2 مليار دولار أمريكي، ويعمل به 120 ألف شخص وله 112،1 فرعاً في بنغلاديش، ويقوم فريق العمل فيه بمقابلة 2 مليون  و300 ألف شخص وجهاً لوجه كل أسبوع. وبالرغم من الهدف السامي لهذا المصرف إلا أنه واجه معارضة وحرباً من الأزواج وأئمة المساجد والتجار المحترفين وحتى مسؤولي الحكومة.

التنمية الاجتماعية في البحر الأحمر

تقع تحت مظلة التخطيط الاجتماعي العديد من الإدارات والمجالس (الرعاية الاجتماعية، العقيدة والدعوة، الأوقاف الـإسلامية، إدارة المرأة، المجلس الأعلى ارعاية الطفولة، الشباب والرياضة، البيئة والسياحة، مفوضية العون الإنساني والصناديق الداعمة ذات الأهداف التكافلية والإنسانية والاجتماعية).

العقيدة والدعوة

تمتلك الأوقاف الإسلامية (240) عقاراً، وعدد الدعاة في الولاية (17)، توجد منظمة دعوية واحدة. عدد الخلاوى (300)، عدد الحفظة (300)، عدد المساجد (570)، الكنائس المخططة (5)، والعشوائية (10) بها (20) قسيساً.

الشباب والرياضة

عدد الفرق الرياضية في الولاية (105)، منها (3) في الممتاز، (8) درجة أولى، (14) ثالثة، والبقية روابط. الميادين الرياضية ثلاثة تشمل استاد بورتسودان. من الشخصيات الرياضية التي ساهمت في بناء الرياضة في البحر الأحمر بل كل (السودان) الأستاذ عبد العزيز سليمان، الذي واجه مكايدات من حكومة جبهة الإنقاذ، بعد أن رفع إسم (السودان) عالياً في سماء إيطاليا وعلى القنوات الفضائية أمام ملايين المشاهدين. ويوجد (195) نادي اجتماعي، و(11) مركز شباب، وميادين للألعاب الرياضية. توجد (5) دور للعجزة والمسنين، و(5) دور للمعاقين، ودار لرعاية الأطفال.

مشاريع صندوق الزكاة

هذه المعلومات نذكرها بتحفظ شديد لأن كل ما تورده هذه الحكومة يتطلب التمحيص. مول الصندوق (96) مشروعاً في الأعوام 94 ــ 1999م، هي:- مشاريع زراعة ودواجن، وصناعات يدوية وبيئية وجلدية ومنسوجات وصناعات مختلفة. تعكس هذه المعلومات أن عدد العقارات التابعة للأوقاف الإسلامية معقول، وأن الخلاوى تنتشر في الريف. تتفاوت التكلفة الكلية للمشاريع ما بين 300 و40 مليون جنيه، وهذا يعني أنها مشاريع صغيرة تهدف لإفادة شريحة معينة من المجتمع ولكن وجود المحسوبية والوساطة بالتأكيد يجعلها تصل لغير أصحاب الحق. ظل عدد المشردين المدعومين يتراوح بين (105) و(134)، طوال الفترة من 94 إلى 1999م وهذا يعني أنه لم يزد إلا قليلاً. هناك الكثير من السلبيات التي تعوق الأداء الفاعل للرعاية الاجتماعية بالولاية، أهمها عدم توفر التمويل، وقلة الكادر الفني المدرب.

دور المرأة في التنمية

(36) من المسلمات المتفق عليها الآن أن المرأة أصبحت - بفضل المكتسبات السياسية والاقتصادية والاجتماعية - عضوا منتجا لها دورها الوظيفي الذي لا يمكن الاستغناء عنه في مجالات التنمية والخدمات المختلفة. والاتجاه الآن مركز نحو كيفية توظيف هذا الدور والكشف عن معوقات فاعلية ودور المرأة فيbبلاد البجه، ظل متأثراً ومحكوماً بمظاهر التخلف والجهل والتقاليد التي تعوق مشاركة المرأة في مجال الخدمات.

وعموما فإن مجتمع المرأة البجاوية يميل نحو الإحجام والإنطوائية والعزلة ولا تبدو فيه درجة المشاركة واضحة إن لم تكن منعدمة تماما بالمقارنة. وقد أثر ذلك على نظرة الأهالى نحو التعليم والصحة والعمل . وبالرغم من هذا فإن المرأة قد أصبحت ربة أسرة في حالات مقدرة رغماً عنها مما يعرضها لمخاطر جمة، ويجب حمايتها هي ومن تعولهم من الاستغلال.

وبالنظرة العامة نلحظ وجود تشابه نمطي للمظاهر السلوكية العامة للمرأة في بلاد البجه خاصة الريفية التي تشكل نسبة عالية. ومن أبرز مظاهر التشابه هذه عادة الحجاب الذي يسود استخدامه وسط المرأة - وشكل الزي الذي يتكون عادة من (الساري) الهندي - كما تنسجم المرأة في استخدام الأشكال التقليدية للزينة كالزمام والحجل والأساور وهي ذات سمات معدنية أو نحاسية في الغالب. (هذه دعوة من الدكتورة لإباحة التبرج والسفور والتخلي عن تعاليم الإسلام وترك الطرق التقليدية الأصيلة للتزين ــ المؤلف).

والمرأة في بلاد البجه بدوية أصلا ويترتب على ذلك ظاهرة وثيقة الصلة بها تتمثل في الانطوائية والعزلة. ولذلك نجدها تضرب على نفسها نوعا من العزلة عن كل ما من شأنه أن يؤدي إلى احتكاكها، أو مجرد رؤيتها للرجل الغريب. وتشكل صلة القرابة هنا نسقا بنائيا يلعب دورا هاما في تخفيف عزلة المرأة على الأقل في نطاق العائلة، بينما يسيطر بوصفه ضابطا اجتماعيا على سلوك المرأة لتعاملها المفترض في المحيط الخارجي.

كما يبدو أن ظاهرة الحجاب ليست سوى مظهر من مظاهر العزلة التي ينعكس أثرها من الناحية السلوكية على دور المرأة في العمل وحجم المشاركة في المجالات المختلفة خاصة التي يعمل بها الرجال ... وقد يرجع تعليل هذه الظاهرة الانعزالية الانطوائية إلى اعتبارات عديدة. منها ما يتعلق بنسق التقاليد والقيم التي تفصل بين المرأة والرجل فصلا حادا. ومنها ما يتعلق بمدى انتشار الأمية والجهل والتخلف وانغلاق التركيب الاجتماعي، وما يتضمنه من قوى موجهات الصد لكل سمات لا تنسجم مع إيقاع المألوف من تعاليم الإسلام والعادات المحافظة والتقاليد الموروثة.

وقد انعكس ذلك بدوره على حجم إسهام المرأة في العمل الاجتماعي، والسياسي والاقتصادي بدرجة يمكن معها القول بأن المساهمة تكاد تنعدم، إذا استثنينا قطاعا محددا يلعب دورا مزدوجا في التكوينات الشعبية، وغالبا ما يتضمن هذا القطاع جزءا كبيرا من العنصر المهاجر الذي توطن بالبلاد وسيطر على ثرواتها بالإضافة لأعداد قليلة من النساء اللآئي تلقين حظا من التعليم.

وتبدو مشاركة المرأة خاصة الريفية واضحة في مجال الإعداد للزواج إذ أن المرأة تتولى عملية بناء المسكن وتهيئته من الداخل بعد أن يجهز الرجل مواد البناء البسيطة وهذا يؤكد بأن أهمية دور المرأة لا يقتصر على الوظائف التقليدية في تنشئة الأطفال وبناء الأسرة، وإنما تنظر إليها في تجاوز لهذه الأدوار بحيث أنها تصبح عنصرا فعالا في تنمية المجتمع وتقدمه، ويقتضي ذلك ضرورة النهوض بالمرأة نفسها في بلاد البجه وتوسيع قاعدة تعليم المرأة ونشر الوعي الصحي، الوقائي والعلاجي والإهتمام بالصحة .

تجربة برنامج المرأة بالولاية الشرقية

يبلغ (الأستاذة حليمة عبد القادر شنّان، دراسة 1993م) عدد النساء بالولاية الشرقية 46% من إجمالي عدد السكان. وتعاني المرأة البجاوية تفشي الجهل والمرض، كما تعاني من أمراض الأنيميا وسوء التغذية والعشى الليلي، إلى جانب الارتفاع الفظيع في نسبة الوفيات بين الأمهات لضعف صحتهن وعدم وجود قابلات مدربات في الريف.

نشأ قسم تنمية المرأة بالولاية الشرقية من بعض الأنشطة المختلفة التي كان لها علاقة بتطوير المرأة ووضعها العام، وقد كانت تلك الأنشطة تمول بواسطة حكومتي السودان وهولندا، كما ويتم تنفيذها من خلال برنامج كسلا للتنمية الريفية (كادا). وبمرور الوقت بدأ التركيز على دور المرأة في التنمية عن طريق دعم القطاعات المختصة والإدارات الحكومية في تخطيط وتنفيذ الأنشطة الخاصة بالمرأة. ومع أن هذه الأنشطة كانت تهدف بصورة رئيسية لترقية المرأة، إلا أن قطاع تنمية المرأة لم يتم اعتباره قطاعاً منفصلاً إلا في بداية العام 1988م. وخلال تلك الفترة تم تمويله من بيع مواد العون العيني الهولندي الـ (CVF).

خلال الأعوام 1987/1989م كان يشرف على تنفيذ أنشطة برامج المرأة بالإقليم الشرقي الحكومتان (السودانية) والهولندية، وذلك باعتباره جزءًا مكملاً لبرنامج الدعم الهولندي المقدم سنوياً لحكومة (السودان). وفي عام 1989م، تم تمويل البرنامج ولأول مرة من ميزانية النقد الأجنبي عبر برنامج العون الهولندي هذا، بالإضافة إلى تمويله المعتاد من المكون المحلي، وفي نفس العام تم ضم البرنامج إلى إدارة التنمية الإقليمية حتى يتم من خلاله تغطية كل الإقليم بدلاً عن أن يغطي منطقتي كسلا وأروما اللتين يغطيهما برنامج كادا. وفعلاً كان لهذا الإتجاه أثره الواضح والكبير في استمرارية برنامج تنمية المرأة حتى بعد أن تم إيقاف برنامج كادا في عام 1991م.

ويهدف البرنامج لتحقيق الآتي لتحسين مستوى المرأة ومن ثم الأسرة: نشر الوعي في الحضر والريف، رفع المستوى الصحي والغذائي والتعليمي والزراعي، التنسيق بين الإدارات، تدريب الكوادر العاملة في هذا المجال، إنشاء قاعدة للمعلومات وتوفير وسائل التعليم للإدارات، توفير المال من الجهات ذات العلاقة، التوسع في إنشاء المراكز الاجتماعية المتنوعة الأغراض ووحدات مشروعات الأسرة المنتجة.

إن نشاط تنمية المرأة يعاني من مشاكل ومعوقات مثله مثل كل النشاطات الأخرى في البلاد. ويتمثل هذا في عدم إهتمام المركز وعدم دعمه مادياً أو حتى أدبياً. وتقترح مقدمة الدراسة استنفار كافة الموارد المتاحة في خطة ذات أهداف واضحة. الاستعانة بكوادر نسائية من المنطقة والزعماء القبليين والدينيين لثقة الناس فيهم ولكسر حاجز اللغة، تنوير الرجال بأهمية تعليم المرأة بدءاً من الخلاوي ومحو الأمية. تحسين الوضع الصحي للمرأة وتدريبها لممارسة نشاط إقتصادي لدعم الأسرة. تدريب القابلات التقليديات في الريف لتقليل الوفيات بين الأطفال والنساء قبل وأثناء وبعد الوضوع.     

ومن الإحصائيات التعليمية يتضح أن وضع المرأة التعليمي يشكل نسبة 47% مقابل 53% نسبة تعليم البنين وهذا يدفع إلى ضرورة الإهتمام بتشجيع تعليم المرأة وتقديم التسهيلات الممكنة لنهوضها كما يبدو من الإحصائيات أن نسبة تعليم البنات تتضاءل بشكل مريع كلما صعدنا نحو مرحلة أعلى وفقا للترتيب التصاعدي. (1974م)

ويرجع تضاؤل تعليم المرأة إلى عوامل عدة أهمها:

وطأة التقاليد التي تحرم المرأة من التعليم وتفرض عليها البقاء في المنزل، وعدم رغبة الكثير من البنات في التعليم لأنه يضيف للبنت عبئاً جديدا - وفقا للفهم السائد - يتعلق بالملابس والسكن ومصاريف المدرسة كذلك بالنسبة لغالبية البنات الريفيات حتى إذا التحقت البنت بالمدرسة فهي غالبا ما تقطع دراستها في السنوات الأولى من المرحلة الإبتدائية، للظروف المادية السيئة التي لا تمكنها من شراء الملابس، أو توفير أجرة المواصلات أو حتى الأكل عندما تكون بالمدرسة.

عمالة المرأة

تمارس المرأة البجاوية التي تعيش في الريف أو الأحياء الهامشية الشعبية الصناعات اليدوية، وتتضاءل مشاركتها في النشاط الرعوي والزراعي للظروف الطبيعية - وارتبطت حركتها بالسوق لبيع منتجاتها اليدوية.

ولقد عملت المرأة في التمريض منذ عام 1937م ثم عملت بالتعليم وغالبية العاملات في المجال الرسمي قد وفدن من خارج بلاد البجه. وتبلغ نسبة العاملات البجاويات في المصانع وغيرها 7% فقط.

المرأة رب للأسرة

ينظر للمرأة البجاوية كتابع خاضع للرجل. فالمرأة هي التي تقوم بمهام رعاية أطفال الأسرة المعيشية وإعداد طعامها ونسج الحصر، علاوة على بناء الخيمة في الترحال. وتساهم المرأة البجاوية أيضاً بشكل مباشر في دخل العائلة، من خلال إنتاج وبيع منتجات الألبان وبيع القهوة والحصر التي يصنعنها. ومع الزيادة في هجرة الذكور بحثاً عن العمل، وجدت النساء أنفسهن في وضع المسؤول الوحيد عن توفير احتياجات الأسرة.

والملاحظ أن العمالة وسط المرأة كاتجاه بدأت تنمو باطراد كما يبدو أن هناك درجة من الإقبال نحو العمل - لأن فرص العمل أمام المرأة لا تزال ضئيلة وشحيحة وغير متاحة تماما - ونعتقد أن هذا هو السبب في ازدياد معدل عطالة المرأة في بلاد البجه.

إن مصادر العمل ببلاد البجه متشبعة تماما في مجال القوى العاملة بالنسبة للرجل والمرأة ... ولا يمكن ايجاد حلول لمشاكل التبطل والعطالة في هذه البلاد إلا بزيادة مصادر الإنتاج واتساع قاعدة التصنيع بما يتيح فرصا واسعة لعمل المرأة والرجل معا.

وإذا كانت التنمية بايجاز شديد، تعني تحديث الإنسان وتوظيف إمكانات وموارد البيئة توظيفا كاملا - فإن الموقف يتطلب مبدئيا استنهاض المرأة بوصفها التصنيفي الطبيعي لهذه الإمكانات، حتى توجه توجيها أمثل لخدمة التنمية ... ويتبع ذلك بالضرورة عمليات متتالية من النوعية المخططة .. واتاحة الحد الأنسب لها من الخدمات الصحية والتعليمية وتخليصها من كافة التأثيرات الناشئة من الأمية والجهل والفقر والمرض.

الحركة التعاونية

يستهدف العمل التعاوني (حسن خليل عبد الله، دراسة 1993م) من تنفيذ أي مشروع تنموي الإنسان أولاً وتليه الموارد، باعتبار أن الإنسان هو رأس المال الحقيقي ومفتاح النجاح لأي خطة تنمية. ويظهر اهتمام العمل التعاوني بتنمية الإنسان في مبادئه السبعة المعلنة، وكلها تدور حول كيفية تمكين الإنسان من استغلال قدراته وتفجير طاقاته.

وإذا نظرنا لإنسان الشرق البجاوي وتركيبته الاجتماعية والاقتصادية، حيث لا يميز الظلم والفقر والجهل والمرض، وإذا كان الهدف هو تعمير وتنمية وتغيير هذا الواقع في هذه المنطقة، فيجب أن يكون المستهدف الأول في التنمية هو تغيير الإنسان واقعاً وسلوكاً بإنشاء حركة تعاونية شاملة بإمكانات كبيرة تغطي كل مجالات التنمية. ويستطيع المجال التعاوني استيعاب كل مناشط التنمية وذلك عن طريق جمع مدخرات الأفراد المحدودة لتكون قوة دافعة لإحداث التغيير الذي لا يتم إلا بالاتحاد والتعاون. وتتوفر هنا كل الإمكانات الهائلة البشرية والمادية اللآزمة للعمل التعاوني وتنمية المنطقة.

التعاون في المجال الزراعي

في محافظات البحر الأحمر التي تمتد من دورديب جنوباً حتى حلايب شمالاً، نجد أنه نتيجة لإهمال الريف وعدم توفر الخدمات الأساسية فيه والجدب يعيش 85% من السكان في المدن و15% في الريف. وتنشغل طاقاتهم في المدن بأعمال هامشية بينما يفتقر إلىها الريف، حيث تقدر المساحة الصالحة للزراعة في هذا الجزء فقط بحوالى 505536 فدان المستغل منها فعلاً لا يتعدى 2% بينما تشير كل تقارير وزارة الزراعة للولاية بتوفر جميع عناصر الإنتاج من أمطار وتربة خصبة صالحة للمحاصيل الزراعية المطرية مثل الذرة في ريفي بورتسودان في مستهليل وتكسار وقراب وأقوامت وآمور وسراره وكذلك مناطق المحاصيل البستانية والحقلية، حيث توجد الآبار السطحية والطواحين الهوائية في مناطق سلوم ومستهليل وكلكوي وابدايان وتمالا وشلهوت، ومياه الخيران المنحدرة من الجبال في أربعات الزراعة وهوشيري وأودروس، وإيربا وخور عرب وهيا وكاس وإرياب وتولجريب ومياس ومسمار، ودلتا توكر.

الجمعيات التعاونية الزراعية

إن العمل التعاوني لاستغلال هذه الإمكانات الضخمة ضعيف للغاية لأسباب إدارية واقتصادية. ويبلغ عدد الجمعيات التعاونية الزراعية المسجلة 6 جمعيات تستغل مساحة 540 فدان بنسبة 15% من المساحة المستغلة ونسبة 1% من المساحة الكلية الصالحة للزراعة. والجمعيات هي دوليبياي وتستغل 200 فدان، ودورديب الزراعية وتستغل 105 فدان، واديس شرق وتستغل 75 فدان، وأندرويت وتستغل 100 فدان، بالإضافة إلى إيربا وايشف وتستغلان 60 فدان. وإجمالي الدعم المالي المقدم لهم هو000،124 جنيه، والآبار 13 بئراً، والمضخات 8 مضخات، وتشرف عليها جميعاً إدارة البساتين.

ويهدف العمل التعاوني الزراعي للمساهمة في التوسع الزراعي الأفقي والرأسي، وتأمين الغذاء للمواطنين، والمحافظة على أسعار السلع، وضمان دخل مناسب للمواطنين يؤمن استقرارهم، وتوفير فرص العمل وعكس الهجرة لتصبح من المدن إلى الريف، ومحاربة الفقر في المناطق الريفية ذات الموارد الكامنة.

وتكمن معوقات العمل التعاوني الزراعي في ضعف إمكانات الجهاز الإداري، عدم اهتمام السلطات بتخصيص ميزانية مناسبة، وغياب التوعية بالتعاون الزراعي بين السكان، عدم وجود حدود واضحة للحيازات القبلية للأرض الزراعية، والمؤثرات القبلية السلبية عند تكوين الجمعيات.

ونوجز التوصيات في: دخول البنوك والمنظمات ذات العلاقة في عمليات تمويل المشاريع الزراعية، تنظيم وتخطيط وتسجيل الأراضي الزراعية لتخصيصها للجمعيات التعاونية، إنشاء مشاريع زراعية كبيرة مشتركة بين الدولة والقطاع التعاوني، ترقية إدارة التعاون وإمكاناتها، تخصيص نسبة من مزارع الألبان للتعاونيات، تكثيف التوعية التعاونية والتدريب لتوفير الكوادر من أبناء الريف، توفير الخدمات الصحية والتعليمية في الريف.

التعاون في الثروة البحرية

الدور الذي يقوم به العمل التعاوني حالياً لا يرقى إلى طموحات مهنية بهذا القطاع، حيث لا يتعدى عدد الجمعيات التعاونية لصائدي الأسماك المسجلة (1993م) 9 جمعيات بعضوية جملتها 1800 عضواً تقريباً بمتوسط 200 عضوا للجمعية، هذا خلال 23 عاماً منذ أن تم تسجيل أول جمعية لصيد الأسماك بمدينة بورتسودان في أواخر عام 1969م بعضوية 100 شخص ورأسمال قدره 100 جنيه، ارتفع إلى 3 آلاف جنيه بدعم من الاتحاد التعاوني. ويستطيع العمل التعاوني إرتياد مجالات كثيرة في هذا المجال مثل تصنيع وتعليب الأسماك والدخول في تصدير مستخرجات البحر، حيث يشكل مصدراً أساسياً لجلب العملات الأجنبية لتمويل العمل التعاوني ذاتياً وهذا ما يسعى له التعاون. إذ أن هذا يساعد على تعمير القرى واستقرار السكان ومدهم بالخدمات الأساسية.

وتجسد قرية التيب، قرب توكر، نموذجاً تحوّل فيه هذا الحلم إلى حقيقة. فبمساعدة منظمة أوكسفام شرعت جمعيتها التعاونية بتعمير القرية بايجاد فرص العمل للأهالي، وتلبية احتياجاتهم الأساسية للاستقرار من شق الطرق وتوفير المياه النقية والتدريب.

وبالنسبة للدور الولائي فقد وجه والي الولاية الشرقية بإقامة شركة بين الحكومة والقطاع الخاص. واقترحت إدارة التعاون أن تكون الشراكة بين الحكومة 50% والتعاون 40% والقطاع الخاص 10% على أن يؤول نصيب الحكومة للقطاع التعاوني متى ما تمكن الأخير من شرائه، إيماناً بأن الشركة ستضم 90% من العاملين في مجال الصيد، مع التمسك باستمرار مصلحة الصيد في الإشراف والمراقبة والمحافظة على الثروة البحرية.

المعوقات والمقترحات

وتتلخص المعوقات في عدم توفر الآتي: أدوات الصيد محلياً، المحركات البحرية، قنوات توزيع فعّالة ومنافذ للبيع، مياه شرب في مناطق الصيد، مواقع للانزال مجهزة للأسماك، وسائل الاتصال، بالإضافة إلى بدائية وسائل الصيد، صعوبة الحصول على الثلج صيفاً. احجام الشباب عن هذا العمل وانعدام الضمانات والتأمينات الاجتماعية التي تغطي الصيادين. وتوجد أيضاً معوقات فنية وإدارية ومالية نجمت عن قصور الخدمات الأساسية التي يفترض أن تقدمها الدولة. ويتلخص هذا في ضعف الإمكانات المادية والبشرية في إدارة التعاون، نقص الإرشاد التعاوني، انتشار الأمية بين الصيادين، ضعف رأس المال، عدم الاستفادة من العون المقدم من الهيئات والمنظمات الطوعية والعالمية، عدم وجود قرى مستقرة مزودة بمقومات الاستقرار الأساسية، غياب الدراسات العلمية.

ويقترح مقدم الدراسة لتطوير العمل التعاوني في مجال استغلال البحر الأحمر الآتي: وضع برنامج علمي شامل، تكوين جمعيات تستوعب كل العاملين في مجال الصيد، الاسراع في تكوين الشركة المرتقبة، التدريب والإدارة ومحو الأمية، إيجاد مصادر تمويل ثابتة والاستفادة من دعم المنظمات الطوعية، إنشاء مصانع تعاونية للثلج، تأهيل القرى الساحلية المأهولة والمهجورة ومدها بالمياه والخدمات الأساسية.

وتوجد بولاية البحر الأحمر 9 جمعيات تعاونية لصيد الأسماك هي: محمد قول وتبلغ عضويتها 107 شخصاً، والبر الشرقي ــ 116 عضواً، أراكياي ــ 135 عضواً، سواكن ــ 66 عضواً، عين هريس ــ 61 عضواً، بالإضافة إلى دنقناب واللآجئين. إن نظرة بسيطة لهذه الجمعيات توضح تناقضاً مذهلاً يدلل على وجود خلل جسيم في ممارسات مصلحة الصيد وإدارة التعاون. فجمعية البر الشرقي التي تتكون من موظفين وعمال، يصطادون السمك في أوقات فراغهم، تبلغ عضويتها 116 شخصاً، أي ضعف عدد عضوية جمعية سواكن التي يمتهن أعضاؤها الصيد. (لقد شاهدت أحد مديري مصلحة الصيد يوزع الوسائل والأدوات على أبناء جلدته من الشماليين ويحرم منها أهل سواكن وغيرهم ن البجه، إضافة إلى تحرشه بهم مما جعل أحد شبان سواكن الصناديد يقوم بالتصدي له ــ 1985م).

التعاون في المجال الاستهلاكي

برهنت الجمعيات التعاونية الاستهلاكية، منذ تكوينها، على أنها أكفأ الأجهزة الشعبية في التصدي لحماية المستهلك من جشع السوق الأسود، وقامت بدور فعّال في فك اختناقات السلع، وتوفيرها وعدالة توزيعها وذلك في حدود إمكاناتها المتاحة، الشيء الذي ساعد على انتشار هذه الجمعيات في المنطقة بسرعة قياسية، حيث بلغ عدد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في ولاية البحر الأحمر حوالى 148 جمعية بعضوية 31917 شخصاً ورأسمال قدره 616،006،2 جنيه واحتياطي قدره 852،530،1 جنيه. وتركزت الجمعيات بشكل ملحوظ في مدينة بورتسودان بصفتها مركز الثقل السكاني والوعي ومعظم الأعضاء من غير البجه بحكم علاقاتهم بمركز القرار. أما في الريف حيث البجه، فإن دور التعاون ليس له وجود، لتقصير الدولة في نشره.

ويقترح مقدم البحث تطوير دور الجمعيات للمساهمة في تنمية المجتمع وتصنيع المواد الاستهلاكية، حيث قدم الاتحاد التعاوني المحلي ببورتسودان كنموذج لارتياد هذين المجالين. فكان باكورة عمله مصنع الطحنية، ويسعى لإنشاء مصنع للزيوت والصابون، كما أن لديه دراسة جاهزة لتنفيذ مشروع صيد الأسماك وتسويقها، وتكلفته قدرها 000،500،10 جنيه كمكون محلي ومبلغ 000،550 دولار كمكون أجنبي. كذلك دخل مساهماً في المشاريع الاستثمارية الكبيرة مثل Xبنك التعمير التعاوني والشركة الوطنية للتأمين التعاوني والمؤسسة التجاريةZ. ورصد 2 مليون جنيه للمساهمة في شركة ابرشاي لمنتجات الثروة الحيوانية، وأبدى موافقته للمساهمة في شركة صيد الأسماك المزمع إنشاؤها.

المشاكل والحلول

وتتلخص معوقات الجمعيات التعاونية الاستهلاكية في: انتشار الجمعيات الصغيرة الضعيفة، تهميش دور القطاع الاستهلاكي بعد إعلان التجارة الحرة، إلغاء الإمتيازات التي منحت للجمعيات، تفرغ أكثر من 90% من العاملين في إدارة التعاون لتطبيق نظام البطاقة التعاونية، توجه الاتحادات نحو الاستثمارات الكبيرة والسوق الحرة وإهمال الجمعيات القاعدية، غياب الوعي التعاوني، عدم وجود مصانع تعاونية لإنتاج المواد الاستهلاكية. ويقترح مقدم الدراسة لتطوير الجمعيات التعاونية الاستهلاكية: مسح احتياجات المنطقة من الجمعيات، مراجعة طرق تكوينها، تجميع الجمعيات الصغيرة في جمعيات كبيرة، تنشيط الموجودة منها وإعادة تأهيل أو تصفية المتوقفة البالغ عددها 41 جمعية، تشجيع قيام الجمعيات النسوية ودخولها مجالات أخرى كالصناعات اليدوية والحرفية النسوية لإيجاد أعمال للنساء. وجوب إهتمام الاتحاد بجمعياته القاعدية ودعمها من عائداته الكبيرة.

التعاون في المجال الخدمي

يتمركز العمل التعاوني الخدمي في محافظة البحر الأحمر، وبالتحديد في مدينة بورتسودان. ويرجع هذا أولاً للكثافة السكانية التي تعادل 85% من جملة سكان الولاية، وثانياً لأنها مدينة تجارية وعمالية تمتزج فيها الحركة التعاونية بالنشاط النقابي. وقد ارتادت الجمعيات قطاعاً واسعاً في مجال الخدمات، حيث بلغ عددها 10 في ميادين مختلفة.

وقد قامت هذه الجمعيات بعضوية عددها 7199 شخص، ورأسمال قدره 758،760 جنيه، واحتياطي قدره 501،6 54،1 جنيه. وهناك 4 جمعيات أخرى تقدمت بطلبات للتسجيل (1993م). وقد أثرت هذه الجمعيات إيجاباً في التنمية الاقتصادية والاجتماعية مثل: القضاء على الاستغلال، إيجاد فرص عمل، توحيد الطاقات، توفير وتحسين الخدمات للأعضاء، ترسيخ مفهوم العمل الجماعي.

الجمعيات التعاونية للخدمات

يبلغ إجمالي عدد الجمعيات التعاونية في ولاية البحر الأحمر  168 جمعية بعضوية 170،35 شخصاً ورأسمال قدره 363،907،2 جنيه، واحتياطي قدره 347،831،2 جنيه. ويوجد منها في محافظة بورتسودان 98 جمعية بعضوية 224،24 شخصاً، وتوكر 18 جمعية بعضوية 5923 شخصاً، وحلايب والقنب 23 جمعية بعضوية 3154 شخصاً، وسنكات 29 جمعية بعضوية 4497 شخصاً. أما إجمالي الاتحادات المحلية التعاونية في ولاية البحر الأحمر فيبلغ 4 اتحادات بعضوية 168 جمعية، ورأسمال قدره 922،520 جنيه واحتياطي قدره 264،172 جنيه.

التعاون والتنمية الاجتماعية

انطلاقاً من نظرية تكامل التنمية، تعمل الحركة التعاونية لإنشاء توازن بين التنمية الاجتماعية والتنمية الاقتصادية وكل المشروعات التعاونية. كذلك تحتم مباديء التعاون على تخصيص 4% من الإنتاج للخدمات الاجتماعية. ويعتبر التعاون ملائماً لمشروعات وبرامج الرعاية والتنمية الاجتماعية في مجال زيادة الدخل. ومن بينها مشروعات الأسر المنتجة التي تحسِّن ظروف الأسر الفقيرة عن طريق تحريك القدرات الإنتاجية واستغلال المهارات والإمكانات لتحقيق تقدم يهدف إلى: ايجاد تعاون أسري، توسيع قاعدة إنتاج الغذاء، تمكين المرأة من المساهمة في تحسين مستوى الأسرة، تدريب النساء على الإنتاج، تطوير الصناعات المحلية واليدوية. ومن مشروعات الأسر المنتجة الصناعات اليدوية والزراعة وتربية الدواجن والخياطة والتطريز.

الـبـيـئــة

يعتمد بقاء النبات والحيوان والإنسان ــ ينطبق هذا على ولاية كسلا والقضارف ــ على ظروف المناخ والتربة... إلخ. وهذه الظروف قاسية هنا نسبة لارتفاع درجة الحرارة وتطرف هطول الأمطار، وهذا يعني أن البقاء ممكن لمن يستطيع حماية نفسه من موسم الجفاف الطويل واحياناً من غزارة هطول الأمطار. وينطبق هذا على أنواع الغزلان النادرة التي تعيش لشهور طويلة بلا ماء وكذلك على النباتات التي تكمل دورة حياتها من إنتاج البذور والنمو. وكذلك ينطبق هذا على الناس الذين يعيشون حياة البداوة القاسية والترحال الدائم بحثاً عن الماء والكلأ. وتتميز الغابات هنا بمقاومتها لموسم الجفاف الطويل.

وقد شكل الإنسان الأراضي ذات النباتات الطبيعية في المحافظة لما تستخدم فيه الآن من مشاريع زراعية. وتم استئصال الغابات ومراعي السافانا التي كانت تعيش عليها الحيوانات البرية. واختفت الغابات أيضاً بفعل قطع الأشجار الجائر. ونتيجة لهذا خلا الريف من سكانه وكبرت المدن بالنازحين والأحياء الشعبية غير المخططة التي تنفتقر إلى المصارف والمراحيض.

التعرية

هذا يعني أن أثر الرياح والمياه على المنطقة قد زاد. ونتيجة لهذا التغير فإن العواصف الرملية تحدث مبكرة في فصل الجفاف وأنها أصبحت متكررة أكثر من قبل وأن الأمطار تجري على الأرض بسرعة أكبر من ذي قبل وهذا يؤدي في بعض الأحيان إلى حدوث فيضانات كبيرة. وقد تكون هذه الفيضانات خطرة على الناس والحيوانات وتجرف كميات هائلة من التربة، التي لا يمكن تعويضها ومن خرائط التعرية يمكن القول بأن التعرية في جنوب البطانة تنذر بالخطر.

في سهول جنوب القضارف الطينية، لا توجد مؤشرات لتسريع التعرية، والتربة العليا ليست معرضة للخطر، في تناقض واضح مقارنة بجنوب البطانة والسهول الجنوبية الأخرى. وتشكل هذه التعرية خطراً يتهدد استدامة استخدام هذه الأراضي للرعي وخاصة للزراعة.

إن جميع الأنهار في الولاية  غائرة في الأراضي الطبيعية. وتتدفق الأنهار على مهد من الصخور والسهول الطينية التي تحيط بها وتسمح للأنهار بالتعمق في التربة غير االمتماسكة. وقد يصل عمق المياه إلى 25 متراً تحت مستوى السهل. ويوفر هذا الفرق في الارتفاع بين مهد النهر والسهول الطينية التفسير لبقاء ما يسمى "الخراب" أو الأرض الرديئة. وهذه هي المناطق القريبة من الأنهار وتتعرض لتعرية قوية، ولكن أيضاً تتبعها بعض الأشجار والحشائش والتي قد تكون أطول من التي في الأماكن الأخرى نتيجة لعدم إمكانية وصول الناس والحيوانات إليها وتوفر المياه الجوفية.

التنمية والطرق زادتا قطع الأشجار

إن النمو السريع الذي شهدته بورتسودان، وتشييد الطريق السريع بينها وبين الخرطوم، الذي ساعد في نقل الفحم وحطب الحريق، أديا إلى تصاعد طلب المدينة على الفحم وحطب الحريق للمخابز وهكذا تم القضاء على كل الغابات القريبة منها وتوسع العمل ليشمل المناطق البعيدة مثل قوب والقنب. أما تواجد معسكرات تشييد الطريق غرب أبنت فقد ساهم أيضا على قطع الغابات وهذه بعض من المصائب التي جلبها الطريق البري على البجه.

وفي منطقة القنب فإن قطع الأشجار لصنع الفحم أدى إلى نقص شديد في الحشائش مما أزعج الرعاة لأنهم يعتمدون على القنب في فصل الجفاف.

لقد استمرت المنحدرات المجاورة للوديان الواقعة على سفوح الجبال، في التدهور تحت تأثير إنتاج حطب الوقود. والآن نجد مناطق مثل وادي دهند وأشت وخور أودي وخور ونتري وخور آواب تعاني من القطع والتعرية.

ومنذ عام 1986م تراجعت النباتات في المناطق المتأثره بالسديم. وكان وضع كولكوي هو الأسوأ. وتعتبر اقوامت وما حولها أهم مناطق تصدير الفحم لبورتسودان عن طريق بربر سواكن القديم عبر تنهويب واودروس وأسوت ثم بورتسودان.

البيئة وقطع الأخشاب

في عام 1928م كانت توجد غابة على الطريق الممتد من أركويت إلى صمت، كذلك كانت الغابات كثيفة حول سنكات في الأربعينات وامتدت غابة من التين حتى أسوت. لقد تغيرت الكتلة النباتية في كل هذه المنطقة وغيرها وكذلك تأثرت مواقع الأودية نتيجة لتعرية التربة.

أسباب تدهور البيئة

يرجع تدهور حالة الأرض في بلاد البجه إلى التغير في ممارسات استخدام الأرض وليس للتغير المناخي، وإن كانت فترات المطر الأقل لها نتائج قصيرة المدى. وينتشر تدهور الموارد الدائمة انطلاقا من نواة بدلا عن الانتشار على طول الأرض المواجهة للمجاري المائية، وهذا يدل على أن التدهور نتج من عمليات داخل النظام وليست مفروضة على النظام البيئي من خارجه. ويعرف التدهور بأنه التراجع الدائم في الكتلة الحيوية الخضراء، ويحدث فقط عندما تأخذ النباتات الحرجية في الإختفاء، وهو هنا نتيجة لأن الأشجار المكتملة النمو جرى اجتثاثها من الأرض وذلك في إطار القطع النظامي لأشجار الأحراج من أجل إنتاج الفحم والحطب للقطاع الحضري.

بالرغم من وجود الرعي الجائر الذي يعتقد أنه يؤثر على الغطاء النباتي، إلا أن الخطر الحقيقي الذي يواجهه النظام يتواجد في عملية اقتطاع الأشجار، من أجل الحصول على الدخل الناتج عن حطب الوقود أو الفحم النباتي بعد أن فقدوا حيواناتهم ومزارعهم إثر توسع المشاريع الزراعية الشمالية والجفاف. ومع غياب مصدر للدخل فإنه يستحيل ترك الأشجار لتعود لوضعها الطبيعي. والعلة هي افتقاد البدائل داخل القطاعات الاقتصادية الأخرى التي توفر موارد عيش لهؤلاء البجه الذين انحدروا إلى ما دون الحد المعيشي الأدنى.

والنتيجة العامة التي نخرج بها هي عدم وجود علاقة واضحة بين الأنشطة الرعوية ودلالات التدهور. ويرتبط قطع الأشجار بالطلب المتزايد على الفحم النباتي وحطب الوقود، في أسواق بورتسودان والمدن الأصغر الأخرى ومحطات الشاحنات في المنطقة. وقد يكون ظهور الأعشاب الضارة نتيجة للزراعة في تلك البيئة الهامشية بذات درجة ارتباطه بالرعي. ويؤثر نقص الغطاء الشجري سلباً على المناخ بالإضافة إلى أضراره على التربة من تعرية وتآكل.

الغابات بولاية البحر الأحمر

توجد غابة واحدة محجوزة بولاية البحر الأحمر، ومساحتها 27،54911 فدان، بنسبة 039،0% من مساحة الولاية، وهي غابة لأغراض الحماية، وتتبع مركزياً للهيئة القومية للغابات. وكما هو ظاهر فالمساحة المحمية لا تذكر في ولاية تستحق جهداً أكبر في هذا المجال، لمقتضيات ثلاثة:- أنها تقع في حزام شبه الصحراء ذو التباينات البيئية الهشة، وأنها عرضة للتصحر، وأن بها مناطق نباتاتها نادرة وذات قيمة خاصة في المحافظة على النوع الإحيائي مثل أركويت وجبل علبة. وبالرغم من أن مساحة الولاية شاسعة تبلغ 800،212 كلم مربع إلا أن القوى العاملة فيها ضئيلة تبلغ 102 فرداً، بمعنى أن كل فرد يخدم 2086 كلم مربع، هذا إذا افترضنا أن جميعهم ميدانيون.

استهلاك حطب الوقود والفحم

يبلغ الاستهلاك السنوي لحطب الوقود في الولاية 318،678 متر مكعب، والإنتاج السنوي 886،146 متر مكعب. ويعادل الاستهلاك السنوي للولاية من خشب الوقود 21% من إنتاجها، ويتركز الاستهلاك في مدينة بورتسودان حيث أن المحافظات الأخرى مكتفية ذاتياً، وبعضها ينتج فائضاً يسد بعض حاجة مدينة بورتسودان، ويكمل النقص من خارج الولاية، من ولايتي القضارف وكسلا. ومن المفارقات أن تكون الولاية مصدرة لحطب الوقود للسعودية والكويت والبحرين. وبالنسبة لفحم الوقود، فيصل الإنتاج السنوي للولاية إلى 878،046،2 جوال، ولا توجد معلومات عن الاستهلاك. وتسد بوتسودان، المستهلك الأكبر في الولاية، احتياجاتها من المحليات المنتجة ذات الفائض ومن ولايتي كسلا والقضارف. إن الأثر التراكمي لتصدير حطب الوقود، سيقود حتماً وبمرور الزمن إلى نضوب الموارد الغابية في الولاية ويفاقم من العجز الموجود حالياً.

عادات مقيدة

تحرّم عادات البجه قطع الأشجار الحية من خلال الجزاءات الثقافية التي تربط بين قطع الأشجار الخضراء واصابة قاطعها بسوء الطالع (يقول البجه أن كل شجرة خضراء يسكنها جني، فاذا قطعها أحد فسوف يلحق الأذى بهذا الجني القابع فيها ومن ثم سينتقم الجني من هذا الشخص).

كذلك  يحرم قطعها عملياً من خلال امتناع البدنه عن الموافقة على مطالبات الأفراد بتطهير أراضي جديدة من الأشجار لأجل زراعتها. وإذا أجيز القطع لإنتاج الحطب فيكون في اطار ضيق لأشخاص معدمين أضر بهم الجفاف والمجاعة بشرط استخدام الأشجار الميته والجافة طبيعياً.

أكثر التأثيرات ضرراً

الاستنزاف الحضري الشديد للخزانات السطحية التي تتجدد مياهها بمعدل ضعيف مما يحرم السكان البجه من موارد حيوية بالنسبة لاستراتيجية بقائهم. ويشكل المشروع المقترح لتزويد بورتسودان بالمياه من منطقة توكر خطراً حقيقياً هو زيادة ملوحة حوض دلتا توكر.

التحضر والبيئة

إن الخطر البيئى الرئيسي في البلاد هو تراجع الغابات. والقوى الرئيسية وراء هذا التراجع هي الزيادة السكانية والتحضر. فالمشكلة ليست هي البجه الذين يتابعون تكيفاتهم التقليدية، بل إن المشكلة هي السكان الحضريين الذين ينتهجون مختلف أشكال الحياة XالحديثةZ. دون إعتبار لحماية البيئة أو الناس الذين يعيشون عليها.

إدارة الموارد الطبيعية

تسمح الطبيعة للإنسان أن يزرع غذاءه وأن يربي ماشيته... الخ. والمصادر الطبيعية هي عناصر تتوفر لاستخدامات معينة للناس.

وبالرغم من هذا فإن كل شيء في الطبيعة له استخدام معين، إذا عرف هذا منه. والإنسان يستخدم المصادر الطبيعية لتزوده بالغذاء والألياف. وهو يحاول أيضاً زيادة إنتاجها وهو بالتالي Xمدير للمصادرZ.

وعليه فإن كل مزارع وراعي وكل انسان يعتمد مباشرة على المصادر الطبيعية في بلاد البجه هو مدير للمصادر. وعلى عاتق السلطات والقوانين والدين أو التقاليد تقع مسؤولية إدارة المصادر العامة أو الجماعية. وقد تكون إدارة المصادر الطبيعية إما جيدة أو سيئة، وتنذر حالة المصادر الحالية في أوضاع كثيرة بالخطر.

تاريخ مسؤوليات الأرض والبيئة

خلال فترة الاستعمار البريطاني، والسنوات القليلة التي اعقبت ذلك كانت التقاليد والقبائل وأنظمة الملكية الخاصة والعامة مطبقة وفعّالة بالرغم من قانون الأراضي لعام 1925م. كانت النظم القبلية XدارZ وقوة الإدارة الأهلية في التحكم في ملكية واستخدام الأرض معترف بها في تلك الفترة. وقد تغير هذا الوضع. فقانون الأراضي غير المسجلة لعام 1971م ينص على أن Xكل الأراضي غير المسجلة هي أراضي حكومية ولكل الناس الحق في استخدام هذه الأراضي غير المسجلةZ. وتضم الأراضي غير المسجلة 90% من مساحة بلاد البجه. وتنص المادة 37 من قانون 1973م على الآتي Xمصادر الثروة الطبيعية تحت أو فوق الأرض داخل المياه الإقليمية ستكون ملكاً للدولة وستقوم الدولة باتخاذ الاستغلال المناسب لهاZ.

لقد قنن هذان القانونان الجائران سيطرة الخرطوم على أراضي البجه الرعوية والزراعية الموزعة قبلياً منذ آلاف السنين. وعن طريقه قامت الحكومة بالسطو على الأراضي وانتزاعها عنوة من أصحابها البجه وتمليكها لغيرهم عن طريق الفساد والرشوة.

وقد عمل هذان القانونان وتكريس المركزية الإدارية وإلغاء الإدارة الأهلية وفشل الحكم المحلي بصورة كبيرة، على تغيير الأنظمة التقليدية للملكية واستخدام المصادر. وهكذا فإن مسؤولية إدارة المصادر لم تعد تقع على عاتق مستخدمي المصادر، بل على الدولة.

بالطبع، من خلال الممارسة، فإن نقل المسؤولية يكون بشكل تدريجي وقد يجادل المرء في نصوص القانونين، ولكن لا يستطيع أحد أن يدافع عن تقليص صلاحيات السلطات المحلية والإدارة الأهلية والشيوخ والقضاة الشعبيين على مصادرهم الطبيعية.

رحَّل المدن

يعيش رحل المدن ويعملون في المدن الكبيرة وحولها. ولا يزالوا يعتمدون كثيراً على النشاطات في القطاع الخاص. ويحصلون على بقية دخلهم (أي الفرق بين دخل الرعي والمنصرفات) من القطاع الخاص. إن النشاطات الأولية لرحل المدن تشكل ضغوطاً شديدة على ما يحيط مباشرة بالمدن حيث تم تدمير البيئة سلفاً. ولا توجد حوافز لإدارة المصادر لأن هذه المصادر تجارية، ونفس الشيء ينطبق على تدهور مناخ المدن الذي أصبح خطراً على الصحة العامة.

دور المرأة

تشارك المرأة في ولاية كسلا والقضارف في العديد من نشاطات الأرض والزراعة، مثل رعاية الحيوانات الصغيرة والحدائق وقطع الحشائش والحصاد وجلب المياه وجمع حطب الوقود. وتزداد مشاركة المرأة في القطاعات الخاصة في المدن.

ويعتمد دور المرأة في القبائل المختلفة، فيما يتعلق باستخدام الأرض وإدارة المصادر، على الخلفية الدينية والثقافية. ونسبة للوضع الخاص للمرأة، فإن للنساء رؤى مختلفة ومجموعة من الأولويات فيما يتعلق بالبيئة وإدارة المصادر. وتشكل فئة النساء هدفاً هاماً، نسبة لإهتمامها ووعيها فيما يخص حطب الوقود وجمع المياه والإهتمام بالصحة، لإدارة المصادر واستراتيجيات إعادة تأهيل البيئة. وبالرغم من هذا، فضمن مجموعات مديري إدارة المصادر الموضحة سابقاً فإنهن لسن مجموعة مستقلة.

الحوافز والتأثيرات في إدارة المصادر

إن المصادر الطبيعية الوحيدة التي تدار حالياً بصورة جيدة هي الأراضي الزراعية ذات الملكية الخاصة. وبالنسبة للمصادر المشاعة، فإن الإفتقار إلى حوافز الإدارة الجيدة له آثار سلبية في حالات المصادر الآتية: الهياكل التي تنظم الرعي وحطب الوقود والمياه الجوفيه مما أدى لرفع الطلب عليها.

وتعتمد مدى سلبية الآثار على المهارات التقنية لمدير المصادر ومقاومة الطبيعة. وبالرغم من هذا فإن المهارات التقنية لمدير المصادر ستزيد بمرور الوقت وسيكون التأثير أقل سلبية في النهاية، إذا كانت حوافز مديري المصادر لا تتغير أو لا تقوم الحكومة بدورها الوقائي بصورة أكثر فعالية.

تتغير حوافز إدارة المصادر لأسباب عديدة. ففي المشاريع الآلية المروية بالأمطار يلاحظ النزوع إلى ترك إدارة الزراعة البعيدة المدى إلى نوع من المحاصيل يلائم التربة والحافز لمثل هذا التغيير هو استحالة التوسع. لأن كل الأراضي المناسبة قد تم الاستيلاء عليها سلفاً. ومن ناحية بيئية فهذا تطور ايجابي.

تخصيص المراعي وحقوق مياه السقي لمجموعات معينة من الناس وتشكيل حكومة محلية لديها سلطات على التضارب في استخدام الأراضي، قد يوفر حوافز جديدة لإدارة المراعي. وقد يكون هذا خطوة لإعادة تأهيل المراعي. وتخصيص استخدام المياه الجوفيه مثلاً، على أساس سعة المضخات، والتحكم الفعّال قد يوفر حافزاً لاستخدام فعّال للمياه الجوفيه وهكذا تتم حماية هذا المصدر. وهكذا، يكون هناك دور للحكومة في إدارة المصدر، ليس فقط كمدير للمصادر، ولكن بصورة أكثر كسلطة توفر حوافزاً للاستخدام الصحيح، وجزاءات ضد سوء الاستخدام للمصادر الطبيعية.

الحكومة والبيئة

إن إدارة المصادر في الولاية متشعبة جداً، وتمتد من إدارة عائلية بحته إلى إدارة شركة متعددة الجنسيات. وسياسة الإدارة الحكومية هي نظام مظلي عليها. وهذا النظام، مع قوانينه وهياكله المؤسسية، حتى الآن لم ينجح في التعامل مع الضغط المتزايد على المصادر الطبيعية في المنطقة.

الجوانب القانونية

هناك نقص في التشريعات القانونية التي تحمي البيئة وتنظم استخدام المصادر الطبيعية. والقوانين الحاليه متشظية وتتعارض مع المستويات القومية والمحلية. إضافة إلى هذا، فإن قوانين حماية البيئة لا تطبق بكفاءة، والناس لا يدركون وجودها والعقوبات خفيفة. والقانون الساري حالياً غير مناسب وغير ثابت بدرجة ليحل محل نظام الملكية الجماعية للأرض والذي لا يزال يتحكم في معظم استخدامات الناس للمصادر الطبيعية في البلاد.

دور المؤسسات الحكومية

تعاني الإدارات والوحدات المسؤولة عن البيئة وإدارة المصادر من نقص في النواحي الفنية والتشغيلية والمهنية. إضافة إلى ذلك فإن التنسيق بين هذه الأنشطة غير ملائم.

ومن ناحية إدارة المصادر، فإن صورة العلاقة بين الحكومة القومية والمحلية والمؤسسات غير الحكومية مضطربة. وفي كثير من الأحيان يكون اهتمام المنظمات غير الحكومية والإدارات صاحبة العلاقة ضعيفاً أو غير موجود. وأخيراً فإن تقليص دور الإدارة الأهلية والحكومات المحلية قد أثر سلباً على نظام الإدارة. وقد أوضحنا سلفاً أنه كان وسيكون هناك دور رئيسي للإدارة الأهلية في إدارة الأراضي القبلية ومصادر المياه. وبعد الغاء الإدارة الأهلية، استمر وجود قواعدها في المنظمات القبلية التقليدية والدينية.

إن الأشخاص الذين سيتحملون المسؤوليات في الإدارات الأهلية الجديدة في كثير من الأحيان ــ خاصة في مجتمعات الرحل وشبه المستقرة ــ لا زالوا في أماكنهم. ومع ادراك حقيقة أن جهود إدارة المصادر يجب أن تكون شاملة من قبل كل المؤسسات والأشخاص ذوي العلاقة، فإنه يتضح أن الممارسات الحالية والهياكل غير كافية.

حالات لعدم كفاية الإدارة الحكومية للمصادر

لم تنجح مؤسسات المشاريع الآلية حتى الآن في التحكم في توسع النظام الزراعي وخصائصه التي تنهك التربة والبيئة. لقد سمحت بتخطي فترة ترك الأرض بوراً والتوسع غير القانوني في المناطق غير المخططة. إضافة لهذا فإن القانون الذي ينص على ترك 15% من كل مزرعة لإنتاج الحطب لم يطبق اطلاقا.

لقد ساهمت إدارات المشاريع المروية الكبيرة كثيراً في تدهور البيئة المحيطة مباشرة بالمشاريع. وحتى الآن فإن هذه الإدارات لم تعط أولوية لإدخال إنتاج الثروة الحوانية والأخشاب في سياسات المشاريع.

وعموماً فإن تطور وإدارة امدادات المياه والتحكم فيها هي من مسؤولية الدولة. والمياه في معظم الحالات هي مصدر جماعي. وتقع مسؤولية التحكم الحكومي في المياه على عاتق هيئة توفير المياه الريفية. وتتزايد في البلاد أهمية مجالس القرى ولجان مواقع المياه. إن حسم موضوع التحكم في المياه حيوي لدراسات جدوى تطوير وإدارة امدادات المياه الريفية.

التغيرات الاجتماعية والبيئة

هناك علاقة قوية بين البيئة والمجتمع الإنساني. وفي بعض الأحيان هناك تأثير فعال لتدهور البيئة على أسلوب حياة الناس. وهناك حالة الرحل الذين، على الأقل أجبرتهم الطبيعة جزئياً على ترك حياة الرعي والخلود إلى حياة الاستقرار. وفي حالة أخرى، فإن الحركات الدينية، مثل حركة الشيخ علي بيتاي، غيرت نظرة الناس نحو البيئة واستخدام الناس الاستهلاكي لمصادرهم.

وتوضح هاتان الحالتان عمليات التغير في المجتمع التي هي نتيجة أو لها تأثير فعال على البيئة. وتنجح حماية البيئة من الإنسان والعكس صحيح فقط عندما يتم فهم هذه التغيرات.

تطبيق سياسة البيئة

النواحي التشريعية

القوانين واللوائح المناسبه لا تطبق أو لا تعمل بطريقة صحيحة بينما هي شروط هامة. وإذا اعتبرنا أن الحالة الراهنة لأولوية المصادر يجب أن تعطى لتشريعات تمليك الأرض، والاستخدامات المستدامة للأنواع المختلفة من الأراضي، وتصحيح القوانين الصالحة الموجودة وفي نفس الوقت يتم وضع قوانين جديدة تنص على حماية البيئة.

الجوانب الإدارية

النظام الإداري الحالي غير منظم وغير مجهز بصورة كافية للإدارة الشاملة لإدارة المصادر. ويجب أن تهتم التحسينات بالشروط الآتية:

ــ إعادة تأهيل الحكومة المحلية والإدارة الأهلية خاصة فيما يتعلق بإدارة المصادر الجماعية (المياه، وأراضي المراعي، والغابات).

ــ قيام لجنة لإدارة المصادر على مستوى الحكومة الإقليمية، تضم ممثلين من الحكومات المحلية.

ــ تقوية وحدة التخطيط الإقليمي للتنسيق في جمع بيانات البيئة (المراقبة) والتقييم البيئي لأنشطة التطوير.

ــ التنسيق العملي للتحكم في النشاطات المركزية والإقليمية.

الأهداف المتضاربة

أظهر ملف البيئة حالات للتضارب في أهداف استخدامات الأرض والاستراتيجيات. وهذا عائد لوضع سياسات غير شاملة. إضافة إلى أنها ناتجة عن تغيير دوافع توقعات الناس الذين تأقلموا على ظروف البيئة ويبحثون عن أهداف اقتصادية قصيرة المدى.

يجب أن تُحل  سياسات إدارة المصادر التضارب بين إنتاج الثروة الحيوانية والزراعة، التضارب بين الأولويات التجارية والاستخدامات المستدامة.

التوسع في تشجيع الوعي

المبادرات الخاصة في إدارة المصادر مهمة، لهذا يجب أن تشجع وتوجه. وهذا التطور في الوعي بسلامة البيئة يحتاج إلى تثقيف وخدمات ممتده وجمعيات لحماية البيئة والتطوير.

دور المرأة في حماية البيئة

نسبة لدور المرأة الاجتماعي والثقافي، فإن لها وعي قوي للبيئة لذا لديها أولويات خاصة نحو إدارة البيئة الطبيعية. وهذا يجعل النساء مجموعة مستهدفة من قبل استراتيجية إدارة البيئة واعادة التأهيل.

دراسات البيئة

لاحظت دراسة للبيئة توفر بيانات محدودة عن البيئة في المواضيع الهامة. ولأجل اجراء بحث كبير عن إدارة المصادر الطبيعية فهناك حاجة إلى تجميع البيانات المتوفره وتكملة المعلومات المفقودة. بعد ذلك يكون من الممكن مراقبة استخدام الأرض وتطور البيئة. ويجب أن ينتج عن هذا نظام ملائم للمراقبة.

وهناك حاجة إلى نظرة داخلية أفضل في الموضوع الاجتماعي ــ الاقتصادي وموضوع البيئة في مشاريع استخدام الأرض الكبرى في الولاية لأجل الوصول إلى تعايش شامل أكبر لهذه المشاريع. إن توفر وتطبيق الدراسة الحالية على مستوى الإقليم والولاية والمحلية يجب أن يحسن بصورة كبيرة.

غابات كسلا

تم حجز غابات نهر القاش بهدف توفير غابات وقاية لحماية نهر القاش من الإنجراف الجوفي، واستدامة وتوسيع الخزان الجوفي للنهر، وتوفير الحاجة من الغابات، وتنمية مصادر الدخل من منتجات الغابات الثانوية، مثل الفاكهة والثمار والسعف والرعي. وبدأت إجراءات حجز غابات نهر القاش جنوب كسلا في العام 1949م، وتم تسجيلها العام 1959م. وهي ست غابات تحتل مساحة (067،2) فداناً في الضفة الشرقية للقاش. وظلت هذه الغابات منذ السبعينات محل صراع دائم بين منتجي الخضر والفاكهة من جهة وبين الرعاة من البجه، السكان الأصليين، من جهة أخرى، والكل يريد استغلالها لصالحه. وقد بدأ التغول على هذه الغابات في السبعينات من قبل منتجي الخضر والفاكهة وحتى بعض المسؤولين. وكان استغلال أشجار الدوم هو الأسوأ، فقد تم التغول على أراضي الغابات وتحويلها إلى جنائن، مثلاً في السبعينات، تم فك غابة السبيل بمساحة 604 فداناً، وغابة أوتين تم فكها في العام 1985م بمساحة 550 فداناً،. وقد حصلت اعتداءات من المواطنين على الغابات، فتمت زراعة 500 فدان بالموز في الضفة الغربية، ولكن الوالي آنذاك أعادها للحجز. في العام 1996م قامت وزارة الزراعة الولائية ببيع أراضي زراعية في داخل غابة تاجوج غرب بلغت مساحتها 115 فداناً. والتزمت وزارة الزراعة الولائىة بتعويضها بمساحة 254 فداناً، ملاصقة لغابة تاجوج الأصلية مطلة على نهر القاش. وحتى الآن (3 يونيو 2000) لم ينفذ الإلتزام وتم تحويل الغابة المذكورة إلى أراضي زراعية. وإمتد التغول إلى غابة XمدرةZ وغابة XتلاوتZ غرب، حيث قامت وزارة الزراعة بتخطيط المساحة التي تقع غرب خطوط هاتين الغابتين وتحويلهما إلى مشاريع زراعية استثمارية توزع على المواطنين (لغير البجه عن طريق الرشوة والمحسوبية). عند إعداد خريطة المشاريع وضح أن هناك تداخل X42Z مشروعاً بصورة كلية أو جزئية مع غابتي مدرة وتلاوت. إن الإتجاه الجاري في ولاية كسلا لإزالة الغابات التي تحمي نهر القاش، ستكون له نتائج وخيمة، وكذلك ستتقلص مساحة الغابات التي حجزت في العام 1959م بنسبة 51%، ويرفض السكان الأصليين فك حجر هذه الغابات لأنهم يعيشون عليها ولكن الفساد أقوى منهم. صرح وزير الزراعة في أغسطس العام 2001م قائلاً بأن للآجئين تأثير سلبي على الغابات فقد أزالوا 400 ألف فدان من الغابات في شرقي البلاد، وقال إن الحكومة تطالب المنظمات الطوعية بتعويض عن ما دمره اللآجئون. وفي اغسطس العام 2001، طالب مدير مشروع اعمار البيئة في ولاية كسلا المجتمع الدولي بتوفير مبلغ مليون دولار للمرحلة الثانية من مشروع اعمار البيئة في الولاية الذي يعمل على إعادة الغطاء النباتي في المناطق المتأثرة بوجود اللآجئين بمحافظة سيتيت. وقال إن المرحلة الأولى للمشروع، والتي مولت من قبل منظمة الوحدة الافريقية بمبلغ نصف مليون دولار استهدفت زراعة 16 ألف فدان غابات وعشرة آلاف فدان مراعي إلى جانب إزالة أربعة آلاف من شجر المسكيت والتعويض عنها بأشجار أخرى و200 فدان أشجار بان مروية. وأكد أن المشروع يهدف لتحسين البيئة بإعادة الغطاء النباتي الذي أزاله اللآجئون لاستخدامهم الأشجار للوقود والمراعي لمواشيهم. وبدأت المرحلة الأولى العام 2000م وتستمر لنهاية 2001م.

ملخص بـيـئــة كسلا

إن بروفايل البيئة الذي قدمه المشروع الهولندي (EPKP) يوصف البيئة في ولاية كسلا والقضارف ويقدم أيضاً تحليلاً للمشاكل البيئية. ويتم التركيز هنا على دور الإنسان في التفاعل مع البيئة: كيف يستخدم الناس في ولاية كسلا ويديرون المصادر الطبيعية المتوفرة، ويشرح الدوافع، وأنماط وتغيرات استخدام المصادر فيما يتعلق باستدامتها، فإن بروفايل البيئة ينشىء إطاراً لصنع القرار من قبل السلطات المسؤولة عن إدارة المصادر.

إن أميز خصائص ولاية كسلا هي السهولة الطينية المنبسطة الشاسعة. ونتيجة للتباين الكبير في المناخ والأنهار ونشاطات الناس، يوجد تنوع في أنواع النباتات واستخدامات الأرض.

ويقدم بروفايل البيئة الأسس البيئية للمنطقة، وكذلك أهم الملامح والتغيرات السكانية والاجتماعية ــ الاقتصادية والتشريعية والمؤسسية. ومن المدهش حقاً أن سكان الولاية البالغ عددهم 7،2 مليون نسمة يتوقع أن يتضاعفوا خلال الخمسة عشر عاماً القادمة.

وتنشأ معظم المشاكل البيئية والاقتصادية من إمكانات المصادر المحدودة في المنطقة (وهي لا تزال نسبياً أعلى من مناطق السودان الأخرى).

ومن أجل تحليل هذا التوازن، فإنه تمت دراسة استخدامات الأرض في الولاية. وأكبر استخدامات الأرض تتمثل في الزراعة (التقليدية المطرية والمروية والآلية المطرية)، وتربية الحيوانات (شبه الرعوية والزراعة ــ الرعوية)، واستخدام الأخشاب، والمنتجات الطبيعية وصيد الأسماك. ويتضح من هذا أن هناك تضارب بين أشكال استخدامات الأرض المختلفة.

وتوصف الحالة الراهنة للمصادر الطبيعية بوجود تغير في النباتات وحسن وسوء استخدام المصادر وخطورة التآكل والتعريه وتوفر المياه الصالحة للشرب.

لقد تغيرت ملامح الولاية بصورة واضحة خلال الأربعين عاماً الماضية، وتدهورت البيئة في ولاية كسلا والقضارف بشكل مريع. ونتج هذا التغير والتدهور من عمل الناس، إن تدمير المراعي ومصادر حطب الوقود هو الأكثر خطورة ويحتاج إلى اتخاذ اجراءات سريعة وحاسمة. وتتعرض إنتاجية التربة في أراضي مشاريع الزراعة الآلية إلى ضغوط شديدة أو أنها تتدهور. ولقد فقدت الحياة البرية سكانها من الحيوانات والطيور التي اختفت.

وتوجد في ولاية كسلا سبع استراتيجيات لاستخدام الأرض والمصادر التي تناسب المجموعات الكبيرة من الناس. إن فهم دوافع الناس وأساليب حياتهم مهم للاقتناع بالحوافز أو المحبطات لمستخدمي المصادر لاستخدامات مستدامة للبيئة.

غابات القضارف

جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 27/12/2002م ما يلي:  تواجه ولاية القضارف خطرر انحسار الغطاء النباتي نتيجة لما تتعرض له غاباتها من إبادة وقطع جائر مما أثر سلباً على كمية الأمطار وأدى إلى انجراف التربة. وقد استمر انحسار الغطاء النباتي لسنوات طويلة مما أثر على كمية الأمطار وتناقص منسوبها وتذبذب موعد سقوطها. وتقوم الولاية الآن بتنفيذ برنامج لإعادة الاستزراع. وذلك بحماية الغابات الموجودة وتوفير الطاقة البديلة. واستزرعت الوزارة 7300 فدان داخل الغابات المحجوزة، و500 فدان أحزمة شجرية، و500 فدان غابات شعبية، إضافة إلى توزيع 35 ألف شتلة زرعت في المدارس والمؤسسات والمساجد.

دور الحرب والألغام في تدمير البيئة

أفرزت حرب التحرير الإريترية ضرراً كبيراً بالبيئة. فلقد زرعت الفصائل العسكرية الإريترية الألغام في معظم مناطق البلاد المتاخمة للحدود. وفي بداية السبعينات ظهرت هذه المشكلة بوضوح في جنوب توكر حيث تضرر منها الرعاة والمزارعين. وبمبادرة شخصية قام الضابط مجدي صبري، الذي كان يعمل في منطقة عيتربة، بتفجير الألغام بطريقة بدائية اتسمت بالشجاعة لما فيها من مخاطر. وبعد تحرير إريتريا، ولم تزود حكومة (السودان) بخرط للألغام. وبعد اندلاع الحرب الأهلية في الحدود بين البلدين، فإن كل من المعارضة والحكومة زرع ألغاماً ضد الآخر. وهكذا هجر سكان المناطق الحدودية المزارع والمراعي، بالإضافة إلى هذا فقد قضت الألغام على الحيوانات الوحشية وهرب البعض الآخر خوفاً من أصوات الأسلحة. ومن آثار زرع الألغام، تدني الإنتاج، وانتشار البطالة بين الرعاة والمزارعين الذين هجروا مزارعهم ومراعيهم، وتغيير الرعاة مساراتهم للأبعد، وارتفاع أجور النقل والترحيل للمخاطر المحدقة بالطرق، ومن ثم غلاء المواد التموينية، وازدياد الهجرة من الريف إلى المدن. ومن العام 1996م إلى العام 1999م بلغ عدد قتلى الألغام في ولاية كسلا وحدها (43)، والجرحى (279). ولم تهتم الحكومة بالضحايا كالعادة، فاعتمدوا على المحسنين. وفي هذا المجال لا بد من الإشادة بالأستاذ محمد إبراهيم آدم الأفلنداوي الذي خصص بيته العامر في الخرطوم لاستضافة ضحايا الألغام ورعايتهم وعلاجهم من ماله الخاص.