د.جبريل ابراهيم في الجزء الثاني من الحوار : نظام البشير متورط فيما يجري في الجنوب..لا علاقة لنا بحزب الترابي.

نظام الخرطوم يروّج الأكاذيب في حرب جنوب السودان بغرض تشويه سمعة الجبهة الثورية

هذا حوار مطول مع الدكتور جبريل ابراهيم رئيس حركة العدل والمساواة ننشره على جزئين حيث يتعرض في الجزء الاول عن هل لازالت الجبهة الثوريه تؤمن بالحوار؟ وهل في مقدور بعض الشخصيات مثل السادة موسى هلال أو صديق ودعه التدخل لتقريب وجهات النظر المختلفه . وماهو الموقف من الحوارات الثنائيه التي تجري بين المؤتمر الوطني واطراف اخرى في الجبهة الثورية.
وفي الجزء الثاني من الحوار يتحدث القائد جبريل عن الوضع العسكري للجبهة الثوريه ويفند التهم الموجهه ضدهم بمساندة احد اطراف الصراع في الجنوب.
ويوضح رأيه في امكانية ايقاف التقارب بين المؤتمرين الوطني والشعبي . ويقول أن المؤتمر الوطني هو حزب من غلاة المتشددين العنصريين وانه لاعلاقة لهم بالاسلام

حوار : عبد الوهاب همت

يلاحظ أن وضعكم العسكري تردى بعد الذي حدث في دولة الجنوب، وقبلها تشاد وليبيا. هل تعتقد ان ذلك سيؤثر في عملكم مستقبلا، وبالتالي في استطاعة النظام أن يضغط عليكم اقليميا لتقبلوا التفاوض؟
أُطمئنك وأطمئن القراء من ورائك على أن وضعنا العسكري أفضل من أي وقت مضى، و الهزائم التي مُنيت بها الحكومة في جنوب كردفان دليل قاطع على قوة وضعنا العسكري والأيام والأسابيع القادمات ستبرهن لكم ما أقول. صحيح أن العمليات ليست على أشدّها هذه الأيام، و قد يفسّرها البعض بأن هنالك شكل من أشكال الهدنه غير المعلنه، و يربطها بوثبة البشير، و لكنه في الحقيقة ما هذا الا الهدوء الذي يسبق العاصفة بإذن الله. وضعنا العسكري لم يتأثر بالاضطراب المؤسف الذي حدث في دولة جنوب السودان، ورغم أني لا أستطيع التنبؤ بما يحدث في المستقبل، و لكن أطمئنك أن إمكاناتنا العسكريه بفضل الله قوية، ونستطيع أن نواجه بها النظام، ونحن لم نكن نعتمد على طرف خارجي في الماضي و لن نفعل ذلك في المستقبل. وضعنا مريح من الناحيه العسكريه.

النظام في الجنوب اتهمكم بمساندة طرف في الصراع أرجو أن توضح حقيقية صحة هذا الاتهام؟
يبدو أنك تقصد نظام الخرطوم و ليس النظام في الجنوب. دولة جنوب السودان لم تقل أننا طرف في شأنها الداخلي، و لكن نظام الخرطوم هو الذي يروّج لهذه الأكاذيب بغرض تشويه سمعة الجبهة الثورية. و لكن، لحسن الطالع، شهادتها مجروحة و شهادة صاحب غرض. الجبهة الثورية ليست طرفا في الصراع الداخلي في جنوب السودان، والخلاف داخل الحركة الشعبيه لتحرير السودان خلاف داخل الحزب وبين عضويته وليس من مصلحة أي طرف خارجي التدخّل في مثل هذا الصراع لا من قريب و لا من بعيد. والواضح أن نظام الخرطوم يريد أن يرمنا بدائه وينسل!! في حقيقة الأمر نحن نعلم ولدينا أدلة قاطعة بأن نظام الخرطوم ضالع حتى أذنيه في الصراع الدائر في دولة الجنوب؛ وله يد طولى فيما يجري الآن في جنوب السودان. يقوم النظام بتزويد أحد الطرفين بالسلاح والوقود والمؤن، و يدّعي أنه محايد، أو يدعم الطرف الآخر سياسياً. و لكن الأمر مكشوف تماماً. و لتغطّي حكومة المؤتمر الوطني على ما تقوم به هي، لا بد لها من أن تبحث عن مشجب تعلق عليه عيوبها، و تقول أن الآخرين هم الذين يقترفون هذه الشنائع. الحقيقة التي لا تخفى على المراقب الحصيف هي أن النظام هو المتورّط في الصراع الدائر في دولة جنوب السودان؛ وهو سعيد بما حدث في الجنوب، و يسعى عبره ليبرهن للعالم أن أهل الهامش لا يستطيعون إدارة البلاد أو حكم أنفسهم، و أن القتال في الجنوب دليل قاطع على صحّة ما يذهبون إليه، و أنه لا بد من الاعتماد عليهم في حكم السودان والتعويل عليهم في العلاقات بالسودان. هذه رسالة حكومة المؤتمر الوطني التي تريد أن تبعث بها إلى العالم و تقول فيها أن الجنوب فشل في حكم نفسه، و أن حكم المعارضة المسلحة سيلاقي ذات المصير، و بالتالي لا بد للعالم أن يقف مع النظام حتى يستمر في حكم البلاد.
النظام متورط فيما يجري في الجنوب. أمّا الجبهة الثورية فلها ما يشغلها وغير مستعدة للتدخّل في الشأن الجنوبي الخاص.
وبهذه المناسبة أتوجّه بنداء خاص إلى الإخوة في جنوب السودان: نحن نريد السلام لأهلنا في الجنوب جميعهم، ونريد الاستقرار لهم جميعاً، لأن استقرارهم من استقرارنا في الشمال، ولا نريد لهم الاقتتال و قد خبروه و ذاقوا مراراته عقوداً و عقود؛ ونطمئنهم على أننا لن نتدخّل في الشأن الجنوبي الخاص، وندعوهم أن يجلسوا الى طاولة التفاوض، وأن يتجاوزوا العقبات، وأن يجمعوا شمل أهل الجنوب لينطلقوا نحو بناء دولة الحلم التي انتظرها شعب الجنوب طويلاً و علق عليها آمالاً عراضاً. على الحزب الحاكم في الجنوب، و الذي ينتمي إليه طرفا الصراع، ألا يفسد نضالاته العظيمة التي تُوّجها برفع علم الاستقلال بشجار داخلي لا يستطيع الشعب تفهّم دواعيه. يجب عدم خذلان هذا الشعب الطيب الذي ضحى كثيراً و ظن أنه ترك أيام الحرب الكالحة إلى غير رجعة، و حلم بمستقبل زاهر يستحقه بجدارة. كما يجب أن يعرف إخوتنا في الحركة الشعبية أن مسئولية صلاح رؤية السودان الجديد ما زالت معلقة في أعناقهم، و أن صراعهم هذا يعطي نظام المؤتمر الوطني برهاناً لعدم صلاحية الرؤية، و تأكيداً على أنه لا يمكن توحيد السودانين مرة أخرى، و في ذلك قبر لآمال و طموحات نبيلة لقطاعات عريضة في البلدين.

هناك حديث يدور على أن النظام بدأ يتحرك تجاه بعض الاطراف في الجبهة الثورية فيما يتعلق بموضوع التفاوض والسلام مامدى صحة الامر؟ وهل جد اي جديد خلاف ما تم في اديس ابابا وهل هناك اتصالات معلنه او غير معلنه؟ واذا حدث ذلك هل يمكن ان تقبلوا كجبهة ثوريه الامر مبدئيا؟
شوف! اذا كانت هنالك اتصالات سرّية فلسنا الجهة التي تعلن عنها، وستبقى سرية إلى أن يتفق الأطراف على إخراجها إلى العلن. لكن حسب علمي ليست هنالك أيّة اتصالات سريه بأي جهة من جهات الجبهة، و الأصح أنني لست على علم بها. المهم عندي أن يتولى كل طرف في الجبهة، تم الاتصال به أو التفاوض معه، توصيل ذات الرسالة إلى النظام وفحواها أنه لا علاج لقضية السودان بغير حل شامل يخاطب جذور المشكلة و أن الحلول الجزئية مرفوضة. نحن نود ارسال رسالة واحدة , تكون كلمتنا واحدة ورؤيتنا كذلك . وفي النهايه نجبر النظام للتعامل معنا كجسم واحد.
ولكن إذا أرسلنا رسائل مختلفه وإشارات متضاربة، سيجد النظام فرصة لخلخلة هذه المنظومة. أثق في إخوتي وإخواتي في قيادة الجبهة الثورية، و في قدرتهم على تبليغ نفس الرسالة إلى كل الجهات التي تتصل بهم، و بالتالي ليست لدي حساسية في أن يتصلوا بأي طرف من الأطراف، واذا تم لا يُشكل إليّ الأمر.

المؤتمر الشعبي أصبح قريبا من الحكومة بشكل واضح , بحكم انكم جميعا اجسام معارضة , او ضمكم تنظيم واحد او لديكم صلات شخصيه هل لديكم اي فكرة لتقديم النصح للمؤتمر الشعبي في الاستفادة من التجارب الماضيه وعدم الثقه في النظام, ام انكم ستصمتون لحساسية الموقف؟
نحن ليست لدينا حساسية لأنه لا تربطنا بالمؤتمر الشعبي أية صلة تنظيمية أو علاقة خاصة، عدا العلاقة التاريخية لبعض أعضاء الحركة الذين كانوا في يوم من الأيام جزءاً من الحركة الإسلامية التي جاء منها المؤتمران الشعبي و الوطني. و هؤلاء الأعضاء لا يتنكرون لتاريخهم، و في النهاية لا توجد جهة سياسيه بدون تأريخ. و المؤكد أن علاقة الذين كانت لهم سابق صلة تنظيمية بالحركة الإسلامية قد انبتّت بعد انضمامهم إلى حركة العدل و المساواة السودانية لأن شروط العضوية عندنا لا تقبل الانتماء إلى أكثر من تنظيم سياسي في وقت واحد. أهل المؤتمر الشعبي أدرى ما يقومون به. هناك أشياء يرونها عبر اجتماعاتهم السرية مع المؤتمر الوطني نحن لا نراها. ربما هنالك إلتزامات قاطعة جعلتهم يتخذون الموقف الذي يتخذونه الآن. نحن لسنا على علم بشيء من ذلك كله، و لذلك موقفنا مختلف تماماً عن موقفهم. و نعتقد، في النهاية، أن الاتفاق مع هذا النظام اذا كان لايؤدي الى تغييره بصورة شاملة، سيكون خصماً على المؤتمر الشعبي و على الشعب السوداني. ليس عندي في ذلك شك. و لو وجدنا الفرصة، سنقول لهم رأينا هذا بوضوح.

الا تودون القيام بهذا العمل أم ليست لكم القدرة ؟
ليست لنا القدرة هذا صحيح. و رغم أن الأمر في عمومه يخص المعارضة و الشعب، فهنالك جوانب خاصة بهم يكون من التطفّل الخوض فيها. نحن لا نعلم الحيثيات التي دفعتهم لهذا الموقف . نحن نعرف ما هو على السطح فقط، ونسمعهم يقولون أن هذه فرصة يجب اغتنامها و اختبار صديقية النظام فيها، وهناك عزيمة من طرفهم للمضي في خط الحوار. و بالتالي، ما دمنا نجهل الحيثيات التي بنوا عليها موقفهم، فلا نجد المبرر للتدخل في شأن الغير و لو كان طرفاً في المعارضة التي نسعى لتوحيدها. قيادات الشعبي على قدر من التجربه والوعي، ومراراتهم مع هذا النظام طوال خمسة عشر عاماً الأخيرة ليست هينة. عاشوا السجون والتشرد والتضييق في المعاش كغيرهم، وأعتقد أنهم يعرفون أهل النظام أكثر منّا و من غيرنا، وهم أقدر على الحكم على ما يجري.

الشعب ومن فرط عدم الثقه والتجارب المريرة مع الاسلاميين يعتقدون اننا امام مسرحية جديدة من الاسلاميين هل تعتقد نفس الشيء؟
الإنسان الذي تتملكه نظرية المؤامرة من الصعب أن يرى الأشياء بمنظار الواقع؛ و بالتالي كل الدنيا تكون بالنسبة له مسرحيات. أنا لا أعتقد أن الذي وقع بين الإسلاميين و يجرى الآن مسرحيات. صحيح عند قيام انقلاب 1989 كان الناس في حاجة إلى إخفاء حقيقتهم، ولو لبعض الوقت، لأنهم إن ظهروا على حقيقتهم من الوهلة الأولى لوجدوا رفضاً و مقاومة من الدوائر التي لا ترضى بالإسلاميين حكاماً. و لكن ما حدث بعد ذلك حسب معلوماتنا المتواضعة كان خلافاً حقيقياً – على كراسي السلطة أو على المبادئ لا يهم – و لكن الخلاف خلاف حقيقي. حتى خروج د. نافع و علي عثمان و الجاز و أسامه عبدالله و كمال عبداللطيف و غيرهم من قيادات المؤتمر الوطني لم يكن في تقديري باختيارهم كما يجتهد أهل النظام لاقناع الشعب به.

وهل هذه المجموعات كانت لديها صراعات حقيقية مع مجموعة البشير؟
أنا لا أعرف على وجه الدقّة، و لكن التسريبات التي تصل الشعب تقول أن هنالك انقسامات داخل المنظومة الحاكمة. و التسريبات التي تقول أن الفريق بكري حسن صالح أمر باطلاق النار على رؤوس علي عثمان و جماعته إن هم حاولوا الفرفرة- إن صحّت- تؤكد أن الصراع بينهم حقيقي و لا مسرحية في الأمر. على كل، وجود صراعات بين القادة لا ينفي وجود أشواق لدى القواعد تدعو الى وحدة الصف. و يبدو أن هنالك شعور لدى الإسلاميين في المنطقه كلها بأنهم مستهدفون، وأنهم في حاجة إلى الوحدة لمواجهة هذا الاستهداف. و لكن هذا لا يعني أنه لا توجد خلافات بين الإسلاميين داخل السودان، أو أنه لا صراع في صفوف الحزب الحاكم. يجب أن يستفيد الناس من هذا الخلاف و يعملوا على اسقاط النظام عبره بدلاً من الركون إلى نظرية المؤامرة.

أنتم بخلفياتكم الاسلاميه اذا عرض عليكم الامر في الوقت الراهن أو مستقبلا هل يمكن ان تتوحدوا معهم؟
من تقصد ب”أنتم”؟ ليست لحركتنا خلفيات إسلامية أو غير إسلامية. في الحركة أناس من كل ألوان الطيف السياسي السوداني و اجتمعوا على برنامج و ليس على آيديولوجية. و لكن الذين كانوا في السابق في الحركة الإسلامية، لا أحسبهم يحنون إلى العودة إليها بعد التجارب المؤلمة التي رأوها من ممارسات المجموعة الحاكمة التي لا تمت إلى الإسلام الذي يعرفه الناس بصلة.

هل يمكن ان تعطينا امثله؟
مثلا أن تغرس مسماراً في رأس إنسان طبيب معتقل عندك لأنه إختلف معك في الرأي، أوتعذبه أو أن تأمر بإغتصاب النساء وقتل الأطفال وحرق القرى الآمنه. هذه ممارسات تحدث للمدنيين بصورة يومية و باسم النظام في دارفور و النيل الأزرق وجنوب كردفان و في أجزاء أخرى من السودان بما فيها الخرطوم. لا يمكن ان يكون هذا سلوكا يدعو له الإسلام. لذلك نحن نرى أنه لا يوجد شيء يجمعنا بهم غير الوطن؛ و الذي يقومون به لا يمكن أن يحدث من المسلم العادي ناهيك عمن يحمل راية الدعوة إلى الإسلام. الدين المعاملة، و ما بعث الرسول عليه أفضل الصلاة و أتمّ التسليم إلا ليتمم مكاركم الأخلاق.

هل كنتم تشاهدون هذه الاشياء من البدايه وكنتم تصمتون عنها أم أنكم كنتم تقاومون ما يحدث ولماذا صمتم كل هذا الوقت وجئتم تتحدثون بعد خلافاتكم فقط؟
مخاطبتنا بصيغة الجملة غير مناسب. و أنا أستطيع أن أعبر عن رأيي و تجربتي الشخصية و لست مخوّلاً بالتحدث نيابة عن مجهولين. في تقديري الشخصي، لم يكن كل الذين في السلطة فاسدين منذ البداية. هؤلاء أغلبهم كانوا فقراء وأهل تقوى ظاهرة، يقيمون الليل، وعندهم أشواق لإقامة دولة المدينة الفاضلة؛ لكن أفسدهم الحكم. لا أحد يعلم ما في القلوب، و لكن تجارب وخلفيات غالبهم قبل وصولهم إلى السلطه لا علاقة لها بالعنف أو الفساد، ولم تكن مقومات الفساد متوفرة لديهم. و عندما وصلوا إلى السلطة في مراحلها الأولى، لم يكن الناس يعلمون الكثير عن ممارسات الأجهزة الأمنية، لأن الأجهزة الأمنية بطبيعتها، في الأنظمة الشمولية، إمبراطوريات مغلقة، لا يعرف الناس عنها إلا بقدر ما تسمح به هي. وقد تدافع عن إنسان بقوة من فرط قناعتك به وبصلاحه، ثم تكتشف أنه يأتي بما لا يأتي به إبليس.

لكن اغتيال شخص كالدكتور علي فضل وبالطريقة التي تمت روايتها وان من شاركوا في اغتياله فيهم اطباء وبعد ذلك زوروا تقرير الوفاة وهذا المعلومات لاشك فيها ألم توقظ هذه الاشياء فيكم أي شيء هل سألتم من تسبب في ذلك ولماذا؟
لعلمك، أنا و أنت الآن في الخارج، و المعلومات متاحه لنا عبر الإنترنت و الفضائيات، ولكن المواطن محجوبة عنه الكثير من المعلومات حتى الآن، ناهيك عن بداية تسعينات القرن الماضي التي لم تكن ثورة الإتصالات قد أخذت مداها، و لم تكن هناك صحف إلكترونية تطلع الناس بكل صغيرة و كبيرة و في ساعة حدوثها رغم محاولات الجيش الإلكتروني للتشويش. لم أكن أعلم كيف أُغتيل الدكتور علي فضل إلا بعد أن غادرت السودان. المواطن مغيبة عنه المعلومة تماماً، و حتى المليشيات التي درجت على قتل الناس و حرق القرى، كان الناس يعتبرون الحديث عن فظائعهم من نسج الخيال، و لم يوقنوا بحقيقتها إلا بعد أن عايشوا أعمالهم الوحشية في كردفان. بعدها قالوا أن أهل دارفور كانوا صادقين فيما يقولون.

سمعتك تتحدث الى راديو دبنقا اول الامس عن عنصرية الصادق المهدي ولم تذكر عنصرية الاخرين فجزء من الذين كونوا حركة العدل والمساواة ذكروا عند خروجهم عن الحركة الاسلاميه انه مورست عنصريه ضدهم بشكل قبيح أليست هناك عنصريه في اوساط الحركة الاسلاميه؟
أولاً أنا أكره الحديث عن العنصرية، و أرجو أن يزول الحديث عنها من الأدب السياسي السوداني في القريب العاجل.
اتهمنا الصادق المهدي بالعنصرية انطلاقاً مما يرمي بها الجبهة الثورية السودانية من أوصاف هي بريئة منها. و تعنصره للنادي السياسي القديم أو Establishment هو الأظهر و الأقوى. و الوصف بالعنصرية ليس حكراً على الصادق المهدي؛ فالعنصريون في مجتمعنا كُثر، و الإسلاميون ليسوا استثناءً. و بعض سلوكيات من في نظام الانقاذ تقف شاهدة على عنصرية متأصلة.

هل يمكن أن تورد لنا أمثله من تجارب شخصيه؟
لي تجاربي الشخصية المحدودة في هذا الجانب، و لكن التجارب العامة هي الأهم. ماذا تقول لرئيس دولة يقول لمواطنه مازحاً أن عيبه الوحيد قبيلته؟! ماذا تقول عن رئيس دولة يعتبر إغتصاب الجعلي للدارفورية شرف لها؟! ماذا تقول عن قيادات يعلنون أن غير العرب لا يؤتمنون على الإسلام و مشروعه الحضاري، و لذلك يلجأون لقبائل بعينها لتجنيد المليشيات منها دون سواها حتى لو استدعى الأمر استجلاب مرتزقة من دول أخرى؟ّ كيف تفسّر التطهير العرقي الذي إستهدف قبائل معينة في دارفور؟ّ ما الذي يدفع النظام لاستهداف المدنيين العزّل من النساء و الأطفال و العجزة بدلاً من المقاتلين؟ّ! لماذا يسمح النظام لقواته و مليشياته بالاعتداء على شرف الناس؟! ماذا تقول للذين يصفون أهلنا في جنوب السودان بالغربان و الحشرات و يهزون لهم بعصا كافور الإخشيدي، أو الذين يذبحون الثيران السوداء ابتهاجاً بانفصال الجنوب؟! من الصعب أن تجد غير العنصرية المتأصلة و الحقد الدفين تفسيرأً لمثل هكذا سلوك.
ليس من السهل تبرئة هذا النظام من العنصرية، وأعتقد أن في المؤتمر الوطني و في مجتمعنا عموماً مجموعة من غلاة العنصريين الذين يعكرون صفو علاقات شعبنا العامرة، و نحن نحتاج لعمل كبير و جهد دؤوب للقضاء على هذه النزعة المقيتة في السودان.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *